رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ الْمُعَلَّقَةِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ.
قَوْلُهُ: (إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ: يَا كَافِرُ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي بَابِ مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنَ السِّبَابِ وَاللَّعْنِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى) هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ) هُوَ الْمَدَنِيُّ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ الْمُعَلَّقِ وَحَدِيثٍ آخَرَ مَوْصُولٍ مَضَى فِي التَّفْسِيرِ.
قَوْلُهُ: (عَنِ النَّبِيِّ ﷺ) يَعْنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِهِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْيَمَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ بِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ طَرِيقِ النَّصرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا لَيْسَ فِيهِ بَيْنَ يَحْيَى، وَأَبِي سَلَمَةَ وَاسِطَةٌ، وَأَخْرَجَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ حَدِيثَ الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ أبي حُذَيْفَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ بِهَذَا السَّنَدِ وَقَالَ: إِنَّهُ مَوْقُوفٌ لَمْ يُذْكَرِ النَّبِيُّ ﷺ فِيهِ. انْتَهَى. وَقَدْ رَفَعَهُ النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ كَمَا تَرَى، وَدَلَّ صَنِيعُ الْبُخَارِيِّ عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بَيْنَ يَحْيَى، وَأَبِي سَلَمَةَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ لَمْ تَقْدَم فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بِدُونِ ذِكْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عِنْدَهُ، إِمَّا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ يَحْيَى سَمِعَهُ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ بِوَاسِطَةٍ ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يَعْتَدَّ بِزِيَادَةِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ لِضَعْفِ حِفْظِهِ عِنْدَهُ.
وَقَدِ اسْتَدْرَكَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَيْهِ إِخْرَاجَهُ لِرِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَقَالَ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ مُدَلِّسٌ، وَقَدْ زَادَ فِيهِ عِكْرِمَةُ رَجُلًا، وَالْحَقُّ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُتَعَقَّبُ بِهِ الْبُخَارِيُّ لِأَنَّهُ لَمْ تَخْفَ عَلَيْهِ الْعِلَّةُ بَلْ عَرَفَهَا وَأَبْرَزَهَا وَأَشَارَ إِلَى أَنَّهَا لَا تَقْدَحُ، وَكَان ذَلِكَ لِأَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ مَعْرُوفٌ وَمَتْنُهُ مَشْهُورٌ مَرْوِيٌّ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ، فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ مَرَاتِبَ الْعِلَلِ مُتَفَاوِتَةٌ، وَأَنَّ مَا ظَاهِرُهُ الْقَدْحُ مِنْهَا إِذَا انْجَبَرَ زَالَ عَنْهُ الْقَدْحُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثم ذكر المصنف حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي الْمَعْنَى.
وحَدِيثُ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ كذلك، وتَقَدَّمَ شَرْحُهُما في الباب المشار إليه. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: كُنْتُ أَسْأَلُ الْمُهَلَّبَ كَثِيرًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ لِصُعُوبَتِهِ فَيُجِيبُنِي بِأَجْوِبَةٍ مُخْتَلِفَةٍ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ قَالَ: قَوْلُهُ فَهُوَ كَمَا قَالَ يَعْنِي فَهُوَ كَاذِبٌ لَا كَافِرٌ، إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا تَعَمَّدَ الْكَذِبَ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ وَالْتَزَمَ الْمِلَّةَ الَّتِي حَلَفَ بِهَا قَالَ ﵇: فَهُوَ كَمَا قَالَ مِنَ الْتِزَامِ تِلْكَ الْمِلَّةِ إِنْ صَحَّ قَصْدُهُ بِكَذِبِهِ إِلَى الْتِزَامِهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، لَا فِي وَقْتٍ ثَانٍ إِذَا كَانَ ذلك عَلَى سَبِيلِ الْخَدِيعَةِ لِلْمَحْلُوفِ لَهُ. قُلْتُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ بِذَلِكَ كَافِرًا، وَإِنَّمَا يَكُونُ كَالْكَافِرِ فِي حَالِ حَلِفِهِ بِذَلِكَ خَاصَّةً، وَسَيَأْتِي أَنَّ غَيْرَهُ حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى الزَّجْرِ وَالتَّغْلِيظِ، وَأَنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَفِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ التَّأْوِيلَاتِ.
٧٤ - بَاب مَنْ لَمْ يَرَ إِكْفَارَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلًا أَوْ جَاهِلًا
وَقَالَ عُمَرُ، لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ: إِنَّهُ نَافق، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ قَدْ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ
٦١٠٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا سَلِيمٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ ﵁ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ يَأْتِي قَوْمَهُ فَيُصَلِّي بِهِمْ الصَّلَاةَ، فَقَرَأَ بِهِمْ الْبَقَرَةَ قَالَ: فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلَاةً خَفِيفَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذًا فَقَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَوْمٌ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا، وَنَسْقِي بِنَوَاضِحِنَا، وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى بِنَا الْبَارِحَةَ فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ فَتَجَوَّزْتُ، فَزَعَمَ أَنِّي مُنَافِقٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ؟ ثَلَاثًا. اقْرَأْ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا،