للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَكَذَا لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ حُسَيْنٍ، عَنْ شَيْبَانَ، وَقَدْ حَمَلَ الْجُمْهُورُ هَذَا الْأَمْرَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَالنَّهْيَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ عَلَى التَّنْزِيهِ.

وَعَنْ أَحْمَدَ لَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ فَتَرَكَهُ جَعَلَهُ مِنَ الشَّرَائِطِ، وَعَنْهُ تَصِحُّ وَيَأْثَمُ جَعَلَهُ وَاجِبًا مُسْتَقْبِلًا. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: ظَاهِرُ النَّهْيِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى جَوَازِ تَرْكِهِ. كَذَا قَالَ وَغَفَلَ عَمَّا ذَكَرَهُ بَعْدَ قَلِيلٍ عَنِ النَّوَوِيِّ مِنْ حِكَايَةِ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ أَحْمَدَ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَدَمَ الْجَوَازِ، وَكَلَامُ التِّرْمِذِيِّ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْخِلَافِ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ قَبْلُ بِبَابٍ، وَعَقَدَ الطَّحَاوِيُّ لَهُ بَابًا فِي شَرْحِ الْمَعَانِي وَنَقَلَ الْمَنْعَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ثُمَّ عَنْ طَاوُسٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، وَابْنِ جَرِيرٍ، وَجَمَعَ الطَّحَاوِيُّ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ بِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يُصَلِّيَ مُشْتَمِلًا فَإِنْ ضَاقَ اتَّزَرَ.

وَنَقَلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ وُجُوبَ ذَلِكَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَاخْتَارَهُ، لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافُهُ. وَاسْتَدَلَّ الْخَطَّابِيُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ بِأَنَّهُ Object صَلَّى فِي ثَوْبٍ كَانَ أَحَدُ طَرَفَيْهِ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ وَهِيَ نَائِمَةٌ، قَالَ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ الطَّرَفَ الَّذِي هُوَ لَابِسُهُ مِنَ الثَّوْبِ غَيْرُ مُتَّسِعٍ لِأَنْ يَتَّزِرَ بِهِ وَيَفْضُلُ مِنْهُ مَا كَانَ لِعَاتِقِهِ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، وَالظَّاهِرُ مِنْ تَصَرُّفِ الْمُصَنِّفِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا فَيَجِبُ، وَبَيْنَ مَا إِذَا كَانَ ضَيِّقًا فلا يَجِبُ وَضْعُ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى الْعَاتِقِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْمُنْذِرِ، وَبِذَلِكَ تَظْهَرُ مناسبةُ تَعْقِيبِهِ بِبَابٍ إِذَا كَانَ الثَّوْبُ ضَيِّقًا.

٦ - بَاب إِذَا كَانَ الثَّوْبُ ضَيِّقًا

٣٦١ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، فَقَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ Object فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَجِئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِي فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي وَعَلَيَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: مَا السُّرَى يَا جَابِرُ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ: مَا هَذَا الِاشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْتُ؟ قُلْتُ: كَانَ ثَوْبٌ، يَعْنِي ضَاقَ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ.

قَوْلُهُ: (فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ) عَيَّنَهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ جَابِرٍ غَزْوَةُ بُوَاطٍ وَهُوَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَهِيَ مِنْ أَوَائِلِ مَغَازِيهِ Object.

قَوْلُهُ: (لِبَعْضِ أَمْرِي) أَيْ حَاجَتِي، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ Object كَانَ أَرْسَلَهُ هُوَ وَجَبَّارَ بْنَ صَخْرٍ لِتَهْيِئَةِ الْمَاءِ فِي الْمَنْزِلِ.

قَوْلُهُ: (مَا السُّرَى) أَيْ مَا سَبَبُ سُرَاكَ أَيْ سَيْرِكَ فِي اللَّيْلِ.

قَوْلُهُ: (مَا هَذَا الِاشْتِمَالُ) كَأَنَّهُ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الِاشْتِمَالُ الَّذِي أَنْكَرَهُ هُوَ أَنْ يُدِيرَ الثَّوْبَ عَلَى بَدَنِهِ كُلِّهِ لَا يُخْرِجُ مِنْهُ يَدَهُ. قُلْتُ: كَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ تَفْسِيرِ الصَّمَّاءِ عَلَى أَحَدِ الْأَوْجُهِ، لَكِنْ بَيَّنَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّ الْإِنْكَارَ كَانَ بِسَبَبِ أَنَّ الثَّوْبَ كَانَ ضَيِّقًا وَأَنَّهُ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَتَوَاقَصَ - أَيِ انْحَنَى - عَلَيْهِ، كَأَنَّهُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ طَرَفَيِ الثَّوْبِ لَمْ يَصِرْ سَاتِرًا فَانْحَنَى لِيَسْتَتِرَ، فَأَعْلَمَهُ Object بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا إِذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا، فَأَمَّا إِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ أَنْ يَتَّزِرَ بِهِ ; لِأَنَّ الْقَصْدَ الْأَصْلِيَّ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالِائْتِزَارِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّوَاقُصِ الْمُغَايِرِ لِلِاعْتِدَالِ الْمَأْمُورِ بِهِ.

قَوْلُهُ: (كَانَ ثَوْبٌ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَكَرِيمَةَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ كَانَ تَامَّةٌ، وَلِغَيْرِهِمَا بِالنَّصْبِ أَيْ كَانَ الْمُشْتَمِلُ بِهِ ثَوْبًا، زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: ضَيِّقًا.