أَشْهُرٍ، فَأَطْلَقَ عَلَيْهَا سَنَةً وَقُبِضَ النَّبِيُّ ﷺ فِي رَبِيعٍ فَلَهُ مِنَ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ ثَلَاثَةٌ أُخْرَى، وَأَكْمَلَ بَيْنَهُمَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ، فَمَنْ قَالَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ أَلْغَى الْكَسْرَيْنِ، وَمَنْ قَالَ: خَمْسَ عَشْرَةَ جَبَرَهُمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٦٣٠٠ - وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: قُبِضَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَنَا خَتِينٌ.
قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ. هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَبُوهُ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْأَوْدِيُّ، وَشَيْخُهُ أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ السَّبِيعِيُّ.
قَوْلُهُ: قُبِضَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَنَا خَتِينٌ أَيْ مَخْتُونٌ، كَقَتِيلٍ وَمَقْتُولٍ، وَهَذَا الطَّرِيقُ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ.
٥٢ - بَاب كُلُّ لَهْوٍ بَاطِلٌ إِذَا شَغَلَهُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾
٦٣٠١ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ: بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ.
قَوْلُهُ (بَاب كُلُّ لَهْوٍ بَاطِلٌ إِذَا شَغَلَهُ) أَيْ شَغَلَ اللَّاهِيَ بِهِ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، أَيْ كَمَنِ الْتَهَى بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ مَأْذُونًا فِي فِعْلِهِ أَوْ مَنْهِيًّا عَنْهُ، كَمَنِ اشْتَغَلَ بِصَلَاةِ نَافِلَةٍ أَوْ بِتِلَاوَةٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ تَفَكُّرٍ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ مَثَلًا حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَمْدًا، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا الضَّابِطِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْأَشْيَاءِ الْمُرَغَّبِ فِيهَا الْمَطْلُوبِ فِعْلُهَا، فَكَيْفَ حَالُ مَا دُونَهَا وَأَوَّلُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ. لَفْظُ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَفَعَهُ: كُلُّ مَا يَلْهُو بِهِ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ بَاطِلٌ إِلَّا رَمْيَهُ بِقَوْسِهِ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ وَمُلَاعَبَتُهَ أَهْلَهُ. الْحَدِيثَ. وَكَأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطِ الْمُصَنِّفِ، اسْتَعْمَلَه لَفْظَ تَرْجَمَةٍ وَاسْتَنْبَطَ مِنَ الْمَعْنَى مَا قَيَّدَ بِهِ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ.
وَإِنَّمَا أَطْلَقَ عَلَى الرَّمْيِ أَنَّهُ لَهْوٌ؛ لِإِمَالَةِ الرَّغَبَاتِ إِلَى تَعْلِيمِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ صُورَةِ اللَّهْوِ، لَكِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ تَعَلُّمِهِ الْإِعَانَةُ عَلَى الْجِهَادِ وَتَأْدِيبُ الْفَرَسِ إِشَارَةٌ إِلَى الْمُسَابَقَةِ عَلَيْهَا وَمُلَاعَبَةُ الْأَهْلِ لِلتَّأْنِيسِ، وَنَحْوِهِ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَ عَلَى مَا عَدَاهَا الْبُطْلَانَ مِنْ طَرِيقِ الْمُقَابَلَةِ لَا أَنَّ جَمِيعَهَا مِنَ الْبَاطِلِ الْمُحَرَّمِ.
قَوْلُهُ: وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ، أَيْ مَا يَكُونُ حُكْمُهُ.
قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ الْآيَةَ كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَالْأَكْثَرُ وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ: ﴿لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ الْآيَةَ وَذَكَرَ ابْنُ بَطَّالٍ أَنَّ الْبُخَارِيَّ اسْتَنْبَطَ تَقْيِيدَ اللَّهْوِ فِي التَّرْجَمَةِ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ - تَعَالَى - ﴿لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَاهُ لَا لِيُضِلَّ لَا يَكُونُ مَذْمُومًا، وَكَذَا مَفْهُومُ التَّرْجَمَةِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَشْغَلْهُ اللَّهْوُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ لَا يَكُونُ بَاطِلًا. لَكِنْ عُمُومُ هَذَا الْمَفْهُومِ يُخَصُّ بِالْمَنْطُوقِ، فَكُلُّ شَيْءٍ نُصَّ عَلَى تَحْرِيمِهِ مِمَّا يُلْهِي يَكُونُ بَاطِلًا، سَوَاءٌ شَغَلَ أَوْ لَمْ يَشْغَلْ، وَكَأَنَّهُ رَمَزَ إِلَى ضَعْفِ مَا وَرَدَ فِي تَفْسِيرِ اللَّهْوِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِالْغِنَاءِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ رَفَعَهُ: لَا يَحِلُّ بَيْعُ الْمُغَنِّيَاتِ وَلَا شِرَاؤُهُنَّ. الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: وَفِيهِنَّ أَنْزَلَ اللَّهُ ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ الْآيَةَ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا أَنَّهُ فَسَّرَ اللَّهْوَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِالْغِنَاءِ وَفِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ أَيْضًا.
ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ الْحَدِيثَ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ الْقِمَارَ مِنْ جُمْلَةِ اللَّهْوِ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ دَعَا إِلَى الْمَعْصِيَةِ فَلِذَلِكَ أَمَرَ بِالتَّصَدُّقِ لِيُكَفِّرَ عَنْهُ تِلْكَ الْمَعْصِيَةَ؛ لِأَنَّ مَنْ دَعَا إِلَى مَعْصِيَةٍ وَقَعَ بِدُعَائِهِ إِلَيْهَا فِي