ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ آخِرُ مَنْ رَأَيْتُ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا عُمْرَةً وَهَذَا ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ فَلَا يَسْأَلُونَهُ وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى مَا كَانُوا يَبْدَءُونَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَضَعُوا أَقْدَامَهُمْ مِنْ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّونَ وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّي وَخَالَتِي حِينَ تَقْدَمَانِ لَا تَبْتَدِئَانِ بِشَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ الْبَيْتِ تَطُوفَانِ بِهِ ثُمَّ لَا تَحِلَّانِ.
١٦٤٢ - وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِعُمْرَةٍ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا.
قَوْلُهُ: (بَابُ الطَّوَافِ عَلَى وُضُوءٍ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ حِينَ قَدِمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى الِاشْتِرَاطِ إِلَّا إِذَا انْضَمَّ إِلَيْهِ قَوْلُهُ ﷺ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ، وَبِاشْتِرَاطِ الْوُضُوءِ لِلطَّوَافِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَخَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ، وَمِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ ﷺ لِعَائِشَةَ لَمَّا حَاضَتْ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي. وَسَيَأْتِي بَيَانُ الدِّلَالَةِ مِنْهُ بَعْدَ بَابَيْنِ.
قَوْلُهُ: (مَا كَانُوا يَبْدَءُونَ بِشَيْءٍ حِينَ يَضَعُونَ أَقْدَامَهُمْ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ لَفْظِ أَوَّلَ بَعْدَ لَفْظِ أَقْدَامَهُمْ وَأَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ مَعْنَاهُ مَا كَانُوا يَبْدَءُونَ بِشَيْءٍ آخَرَ حِينَ يَضَعُونَ أَقْدَامَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ الطَّوَافِ. انْتَهَى.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ حَذْفُ لَفْظِ أَوَّلَ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَذْفُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى لِأَنَّ الثَّانِيَ يَحْتَاجُ إِلَى جَعْلِ مِنْ بِمَعْنَى مِنْ أَجْلِ وَهُوَ قَلِيلٌ، وَأَيْضًا فَلَفْظُ أَوَّلَ قَدْ ثَبَتَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَثَبَتَ أَيْضًا فِي مَكَانٍ آخَرَ مِنَ الْحَدِيثِ نَفْسِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ حَتَّى يَضَعُوا بَدَلَ حِينَ يَضَعُونَ وَتَوْجِيهُهُ وَاضِحٌ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ إِنَّهُمَا لَا تَحِلَّانِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ إِحْرَامُهُمَا بِالْحَجِّ وَحْدَهُ أَوْ بِالْقِرَانِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إِنَّ مَنْ حَجَّ مُفْرِدًا فَطَافَ حَلَّ بِذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَوْلُهُ: أُمِّي يَعْنِي أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، وَخَالَتُهُ هِيَ عَائِشَةُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي: بَابِ مَنْ طَافَ إِذَا قَدِمَ.
(تَنْبِيهٌ): قَالَ الدَّاوُدِيُّ مَا ذُكِرَ مِنْ حَجِّ عُثْمَانَ هُوَ مِنْ كَلَامِ عُرْوَةَ، وَمَا قَبْلَهُ مِنْ كَلَامِ عَائِشَةَ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ: مُنْتَهَى حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ قَوْلِهِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً وَمِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ إِلَخْ مِنْ كَلَامِ عُرْوَةَ. انْتَهَى. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ بَعْضُ هَذَا مُنْقَطِعًا لِأَنَّ عُرْوَةَ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ، نَعَمْ أَدْرَكَ عُثْمَانَ، وَعَلَى قَوْلِ الدَّاوُدِيِّ يَكُونُ الْجَمِيعُ مُتَّصِلًا وَهُوَ الْأَظْهَرُ.
٧٩ - بَاب وُجُوبِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَجُعِلَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ
١٦٤٣ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ عُرْوَةُ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ ﵂ فَقُلْتُ لَهَا: أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ فَوَاللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَنْ لَا يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَتْ: بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِي، إِنَّ هَذِهِ لَوْ كَانَتْ