للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بَعْضَهُمْ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ. وَقَدْ ظَهَرَ بِالنَّقْلِ الصَّحِيحِ أَنَّهَا كُلَّهَا لَمْ تَقَعْ إِلَّا النَّقْلَ الْأَوَّلَ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ) زَادَ أَبُو أُمَيَّةَ: فَقَدْ قُبِلَتْ. وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَابْنِ لَهِيعَةَ: أَمَّا صَدَقَتُكَ فَقَدْ قُبِلَتْ. وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَبِلَ صَدَقَتَكَ. وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ كَانَتْ عِنْدَهُمْ مُخْتَصَّةً بِأَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ، وَلِهَذَا تَعَجَّبُوا مِنَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ. وَفِيهِ أَنَّ نِيَّةَ الْمُتَصَدِّقِ إِذَا كَانَتْ صَالِحَةً قُبِلَتْ صَدَقَتُهُ وَلَوْ لَمْ تَقَعِ الْمَوْقِعَ. وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْإِجْزَاءِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي زَكَاةِ الْفَرْضِ، وَلَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْإِجْزَاءِ وَلَا عَلَى الْمَنْعِ، وَمِنْ ثَمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ التَّرْجَمَةَ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ وَلَمْ يَجْزِمْ بِالْحُكْمِ. فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْخَبَرَ إِنَّمَا تَضَمَّنَ قِصَّةً خَاصَّةً وَقَعَ الِاطِّلَاعُ فِيهَا عَلَى قَبُولِ الصَّدَقَةِ بِرُؤْيَا صَادِقَةٍ اتِّفَاقِيَّةٍ، فَمِنْ أَيْنَ يَقَعُ تَعْمِيمُ الْحُكْمِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ التَّنْصِيصَ فِي هَذَا الْخَبرِ عَلَى رَجَاءِ الِاسْتِعْفَافِ هُوَ الدَّالُّ عَلَى تَعْدِيَةِ الْحُكْمِ، فَيَقْتَضِي ارْتِبَاطُ الْقَبُولِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ. وَفِيهِ فَضْلُ صَدَقَةِ السِّرِّ، وَفَضْلُ الْإِخْلَاصِ، وَاسْتِحْبَابُ إِعَادَةِ الصَّدَقَةِ إِذَا لَمْ تَقَعِ الْمَوْقِعَ، وَأَنَّ الْحُكْمَ لِلظَّاهِرِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ سِوَاهُ، وَبَرَكَةُ التَّسْلِيمِ وَالرِّضَا، وَذَمُّ التَّضَجُّرِ بِالْقَضَاءِ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: لَا تَقْطَعِ الْخِدْمَةَ، وَلَوْ ظَهَرَ لَكَ عَدَمُ الْقَبُولِ.

١٥ - بَاب إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ

١٤٢٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ أَنَّ مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ حَدَّثَهُ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ أَنَا وَأَبِي وَجَدِّي، وَخَطَبَ عَلَيَّ فَأَنْكَحَنِي وَخَاصَمْتُ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبِي يَزِيدُ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ فَجِئْتُ فَأَخَذْتُهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا إِيَّاكَ أَرَدْتُ، فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: لَكَ مَا نَوَيْتَ يَا يَزِيدُ، وَلَكَ مَا أَخَذْتَ يَا مَعْنُ.

قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا تَصَدَّقَ) أَيِ الشَّخْصُ (عَلَى ابْنِهِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: لَمْ يَذْكُرْ جَوَابَ الشَّرْطِ اخْتِصَارًا، وَتَقْدِيرُهُ جَازَ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ لِعَدَمِ شُعُورِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ. وَمُنَاسَبَةُ التَّرْجَمَةِ لِلْخَبَرِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ يَزِيدَ أَعْطَى مَنْ يَتَصَدَّقُ عَنْهُ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ، وَكَانَ هُوَ السَّبَبُ فِي وُقُوعِ الصَّدَقَةِ فِي يَدِ وَلَدِهِ، قَالَ: وَعَبَّرَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ بِنَفْيِ الشُّعُورِ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا بِنَفْيِ الْعِلْمِ، لِأَنَّ الْمُتَصَدِّقَ فِي السَّابِقَةِ بَذَلَ وُسْعَهُ فِي طَلَبِ إِعْطَاءِ الْفَقِيرِ فَأَخْطَأَ اجْتِهَادُهُ، فَنَاسَبَ أَنْ يَنْفِيَ عَنْهُ الْعِلْمَ، وَأَمَّا هَذَا فَبَاشَرَ التَّصَدُّقَ غَيْرُهُ، فَنَاسَبَ أَنْ يَنْفِيَ عَنْ صَاحِبِ الصَّدَقَةِ الشُّعُورَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) هُوَ الْفِرْيَابِيُّ، وَأَبُو الْجُوَيْرِيَةِ بِالْجِيمِ مُصَغَّرًا اسْمُهُ حِطَّانُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَكَانَ سَمَاعُهُ منْ مَعْنٍ، وَمَعْنٌ أَمِيرٌ عَلَى غَزَاةٍ بِالرُّومِ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ.

قَوْلُهُ: (أَنَا وَأَبِي وَجَدِّي) اسْمُ جَدِّهِ الْأَخْنَسُ بْنُ حَبِيبٍ السُّلَمِيُّ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَوَقَعَ فِي الصَّحَابَةِ لِمُطَيَّنٍ، وَتَبِعَهُ الْبَارُودِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَنْدَهْ، وَأَبُو نُعَيْمْ أَنَّ اسْمَ جَدِّ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ ثَوْرٌ، فَتَرْجَمُوا فِي كُتُبِهِمْ بِثَوْرٍ، وَسَاقُوا حَدِيثَ الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْجَرَّاحِ وَالِدِ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ، عَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ ثَوْرٍ السُّلَمِيِّ، أَخْرَجَهُ مُطَيَّنٌ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَرَوَاهُ الْبَارُودِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، عَنْ مُطَيَّنٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَنْدَهْ، عَنِ الْبَارُودِيِّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، عَنِ الطَّبَرَانِيِّ، وَجُمْهُورُ الرُّوَاةِ عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ، لَمْ يُسَمُّوا جَدَّ مَعْنٍ، بَلْ تَفَرَّدَ سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ بِذَلِكَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَظُنُّهُ كَانَ فِيهِ عَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ أَبِي ثَوْرٍ السُّلَمِيِّ فَتَصَحَّفْتُ أَدَاةَ الْكُنْيَةِ بِابْنٍ، فَإِنَّ مَعْنًا كَانَ يُكَنَّى أَبَا ثَوْرٍ، فَقَدْ ذَكَرَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ فِي تَارِيخِهِ أَنَّ مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ، وَابْنَهُ ثَوْرًا قُتِلَا يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ مَعَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ. وَجَمَعَ ابْنُ حِبَّانَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِوَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ فِي