عَنْ عَمِّهِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ ابْتَاعَ مِنْ أَعْرَابِيٍّ فَرَسًا، فَاسْتَتْبَعَهُ لِيَقْضِيَهُ ثَمَنَ الْفَرَسِ، فَأَسْرَعَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَشْيَ وَأَبْطَأَ الْأَعْرَابِيُّ، فَطَفِقَ رِجَالٌ يَعْتَرِضُونَ الْأَعْرَابِيَّ يُسَاوِمُونَهُ فِي الْفَرَسِ حَتَّى زَادُوهُ عَلَى ثَمَنِهِ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - قَالَ: فَطَفِقَ الْأَعْرَابِيُّ يَقُولُ. هَلُمَّ شَهِيدًا يَشْهَدُ أَنِّي قَدْ بِعْتُكَ، فَمَنْ جَاءَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُ: وَيْلَكَ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَكُنْ لِيَقُولَ إِلَّا الْحَقَّ، حَتَّى جَاءَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ فَاسْتَمَعَ الْمُرَاجَعَةَ فَقَالَ: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَايَعْتَهُ، فَقَالَ: لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: بِمَ تَشْهَدُ؟ قَالَ: بِتَصْدِيقِكَ.
فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، وَوَقَعَ لَنَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ اسْمَ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ سَوَادُ بْنُ الْحَارِثِ، فَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ شَاهِينَ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زُرَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اشْتَرَى فَرَسًا مِنْ سَوَادِ بْنِ الْحَارِثِ فَجَحَدَهُ، فَشَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ: لَهُ: بِمَ تَشْهَدُ وَلَمْ تَكُنْ حَاضِرًا؟ قَالَ: بِتَصْدِيقِكَ وَأَنَّكَ لَا تَقُولُ إِلَّا حَقًّا فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ أَوْ عَلَيْهِ فَحَسْبُهُ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ حَمَلَهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى غَيْرِ مَحْمَلِهِ، وَتَذَرَّعَ بِهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ إِلَى اسْتِحْلَالِ الشَّهَادَةِ لِمَنْ عُرِفَ عِنْدَهُمْ بِالصِّدْقِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ادَّعَاهُ، وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَكَمَ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ بِعِلْمِهِ وَجَرَتْ شَهَادَةُ خُزَيْمَةَ مَجْرَى التَّوْكِيدِ لِقَوْلِهِ وَالِاسْتِظْهَارِ عَلَى خَصْمِهِ، فَصَارَ فِي التَّقْدِيرِ كَشَهَادَةِ الِاثْنَيْنِ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْقَضَايَا انْتَهَى. وَفِيهِ فَضِيلَةُ الْفِطْنَةِ فِي الْأُمُورِ، وَأَنَّهَا تَرْفَعُ مَنْزِلَةَ صَاحِبِهَا، لِأَنَّ السَّبَبَ الَّذِي أَبَدَاهُ خُزَيْمَةُ حَاصِلٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَعْرِفُهُ غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ لَمَّا اخْتَصَّ بِتَفَطُّنِهِ لِمَا غَفَلَ عَنْهُ غَيْرُهُ مَعَ وُضُوحِهِ جُوزِيَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ خُصَّ بِفَضِيلَةِ: مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ أَوْ عَلَيْهِ فَحَسْبُهُ
(تَنْبِيهٌ): زَعَمَ ابْنُ التِّينِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِخُزَيْمَةَ لَمَّا جَعَلَ شَهَادَتَهُ شَهَادَتَيْنِ: لَا تَعُدْ أَيْ: تَشْهَدْ عَلَى مَا لَمْ تُشَاهِدْهُ انْتَهَى. وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهَا.
٤ - بَاب ﴿قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا﴾ التَّبَرُّجُ: أَنْ تُخْرِجَ مَحَاسِنَهَا، ﴿سُنَّةَ اللَّهِ﴾ اسْتَنَّهَا جَعَلَهَا
٤٧٨٥ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ ﵂ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ جَاءَهَا حِينَ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُخَيِّرَ أَزْوَاجَهُ، فَبَدَأَ بِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، فَلَا عَلَيْكِ أَنْ تَسْتَعْجِلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ﴾ إِلَى تَمَامِ الْآيَتَيْنِ، فَقُلْتُ لَهُ: فَفِي أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ.
[الحديث ٤٧٨٥ - طرفه في: ٤٧٨٦]
قَوْلُهُ: بَابُ ﴿قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا﴾ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ: أُمَتِّعْكُنَّ. الْآيَةَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ: مَعْمَرٌ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ. وَسَقَطَ هَذَا الْعَزْوُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (التَّبَرُّجُ: أَنْ تُخْرِجَ زِينَتَهَا) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَاسْمُهُ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَلَفْظُهُ فِي كِتَابِ الْمَجَازِ. فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى﴾ هُوَ مِنَ التَّبَرُّجِ، وَهُوَ أَنْ يُبْرِزْنَ مَحَاسِنَهُنَّ. وَتَوَهَّمَ مُغْلَطَايُ وَمَنْ قَلَّدَهُ أَنَّ مُرَادَ الْبُخَارِيِّ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ فَنُسِبَ هَذَا إِلَى تَخْرِيجِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ مَعْمَرٍ، وَلَا وُجُودَ لِذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute