٤٧٨٣ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ قَالَ: نُرَى هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾.
٤٧٨٤ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا نَسَخْنَا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَؤُهَا لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ إِلَّا مَعَ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾
قَوْلُهُ: بَابُ: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ﴾ عَهْدَهُ) قَالَ: أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ﴾ أَيْ نَذْرَهُ، وَالنَّحْبُ: النَّذْرُ، وَالنَّحْبُ أَيْضًا النَّفْسُ وَالنَّحْبُ أَيْضًا الْخَطَرُ الْعَظِيمُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: النَّحْبُ فِي الْأَصْلِ النَّذْرُ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي آخِرِ كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرُ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ﴾ قَالَ: قَضَى أَجَلَهُ عَلَى الْوَفَاءِ وَالتَّصْدِيقِ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ غَيْرُهُ، بَلْ ثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ طَلْحَةَ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: أَنْتَ يَا طَلْحَةُ مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ، أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بِحَمْلِ حَدِيثِ عَائِشَةَ عَلَى الْمَجَازِ، وَقَضَى بِمَعْنَى يَقْضِي. وَوَقَعَ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ: مِنْهُمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ. وَفِي تَفْسِيرِ يَحْيَى بْنِ سَلَّامٍ: مِنْهُمْ حَمْزَةُ وَأَصْحَابُهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ قَوْلُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: مِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ. وَعِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (أَقْطَارُهَا: جَوَانِبُهَا) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ.
قَوْلُهُ: (الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا لَأَعْطَوْهَا) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا، وَهُوَ عَلَى قِرَاءَةِ آتَوْهَا بِالْمَدِّ، وَأَمَّا مَنْ قَرَأَهَا بِالْقَصْرِ - وَهِيَ قِرَاءَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ - فَمَعْنَاهُ جَاءُوهَا.
ثُمَّ ذَكَرَ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَائِلِ الْجِهَادِ.
قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا نَسَخْنَا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ) تَقَدَّمَ فِي آخِرِ تَفْسِيرِ التَّوْبَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، لَكِنْ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْآيَةَ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ﴾ وَفِي هَذِهِ أَنَّ الْآيَةَ: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ﴾ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمَا حَدِيثَانِ، وَسَيَأْتِي فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِالْحَدِيثَيْنِ مَعًا فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ.
قَوْلُهُ: (فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَؤُهَا) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ زَيْدًا لَمْ يَكُنْ يَعْتَمِدُ فِي جَمْعِ الْقُرْآنِ عَلَى عِلْمِهِ، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى حِفْظِهِ. لَكِنْ فِيهِ إِشْكَالٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ اكْتَفَى مَعَ ذَلِكَ بِخُزَيْمَةَ وَحْدَهُ وَالْقُرْآنُ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ فِي الْجَوَابِ أَنَّ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَنَّ فَقْدَهُ فَقْدُ وُجُودِهَا مَكْتُوبَةً، لَا فَقْدُ وُجُودِهَا مَحْفُوظَةً، بَلْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً عِنْدَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ جَمْعِ الْقُرْآنِ فَأَخَذْتُ أَتَتَبَّعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالْعُسُبِ كَمَا سَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ. وَقَوْلُهُ: خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَهَادَتَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ يُشِيرُ إِلَى قِصَّةِ خُزَيْمَةَ الْمَذْكُورَةِ، وَهُوَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الْآتِيَةِ.
وَأَمَّا قِصَّتُهُ الْمَذْكُورَةُ فِي الشَّهَادَةِ فَأَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَوَقَعَتْ لَنَا بِعُلْوٍ فِي جُزْءِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute