للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤٠ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾

٩٣٨ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ قَالَ: كَانَتْ فِينَا امْرَأَةٌ تَجْعَلُ عَلَى أَرْبِعَاءَ فِي مَزْرَعَةٍ لَهَا سِلْقًا، فَكَانَتْ إِذَا كَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ تَنْزِعُ أُصُولَ السِّلْقِ فَتَجْعَلُهُ فِي قِدْرٍ، ثُمَّ تَجْعَلُ عَلَيْهِ قَبْضَةً مِنْ شَعِيرٍ تَطْحَنُهَا، فَتَكُونُ أُصُولُ السِّلْقِ عَرْقَهُ، وَكُنَّا نَنْصَرِفُ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا، فَتُقَرِّبُ ذَلِكَ الطَّعَامَ إِلَيْنَا فَنَلْعَقُهُ، وَكُنَّا نَتَمَنَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِطَعَامِهَا ذَلِكَ.

[الحديث ٩٣٨ - أطرافه في: ٦٢٧٩. ٦٢٤٨. ٥٤٠٣. ٢٣٤٩. ٩٤١. ٩٣٩]

٩٣٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ بِهَذَا، وَقَالَ: مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ ﷿ ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ﴾ الْآيَةَ. أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تُطْعِمُهُمْ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، فَقِيلَ أَرَادَ بِذَلِكَ بَيَانَ أَنَّ الْأَمْرَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَانْتَشِرُوا * وَابْتَغُوا﴾ لِلْإِبَاحَةِ لَا لِلْوُجُوبِ لِأَنَّ انْصِرَافَهُمْ إِنَّمَا كَانَ لِلْغَدَاءِ ثُمَّ لِلْقَائِلَةِ عِوَضًا مِمَّا فَاتَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ لِاشْتِغَالِهِمْ بِالتَّأَهُّبِ لِلْجُمُعَةِ ثُمَّ بِحُضُورِهَا وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الصَّارِفَ لِلْأَمْرِ عَنِ الْوُجُوبِ هُنَا كَوْنُهُ وَرَدَ بَعْدَ الْحَظْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْوُجُوبِ، بَلِ الْإِجْمَاعُ هُوَ الدَّالُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ الْمَذْكُورَ لِلْإِبَاحَةِ، وَقَدْ جَنَحَ الدَّاوُدِيُّ إِلَى أَنَّهُ عَلَى الْوُجُوبِ فِي حَقِّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الظَّاهِرِيَّةِ. وَقِيلَ هُوَ فِي حَقِّ مَنْ لَا شَيْءَ عِنْدَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَأُمِرَ بِالطَّلَبِ بِأَيِّ صُورَةٍ اتَّفَقَتْ لِيَفْرَحَ عِيَالُهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ، وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَانْتَشِرُوا * وَابْتَغُوا﴾ إِشَارَةً إِلَى اسْتِدْرَاكِ مَا فَاتَكُمْ مِنَ الَّذِي انْفَضَضْتُمْ إِلَيْهِ فَتَنْحَلُّ إِلَى أَنَّهَا قَضِيَّةٌ شَرْطِيَّةٌ، أَيْ مَنْ وَقَعَ لَهُ فِي حَالِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاتِهَا زَمَانَ يَحْصُلُ فِيهِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مَنْ أَمْرِ دُنْيَاهُ وَمَعَاشِهِ فَلَا يَقْطَعِ الْعِبَادَةَ لِأَجْلِهِ بَلْ يَفْرَغُ مِنْهَا وَيَذْهَبُ حِينَئِذٍ لِتَحْصِيلَ حَاجَتِهِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ الْمَدَنِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ هُوَ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ، وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ سَلْمَانُ مَوْلَى عَزَّةَ صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

قَوْلُهُ: (كَانَتْ فِينَا امْرَأَةٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا.

قَوْلُهُ: (تَجْعَلُ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ تُحْقَلُ بِمُهْمَلَةٍ بَعْدَهَا قَافٌ أَيْ تُزْرَعُ، وَالْأَرْبِعَاءُ جَمْعُ رَبِيعٍ كَأَنْصِبَاءٍ وَنَصِيبٍ، وَالرَّبِيعُ الْجَدْوَلُ وَقِيلَ الصَّغِيرُ وَقِيلَ السَّاقِيَةُ الصَّغِيرَةُ وَقِيلَ حَافَاتُ الْأَحْوَاضِ، وَالْمَزْرَعَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَحَكَى ابْنُ مَالِكٍ جَوَازَ تَثْلِيثِهَا، وَالسِّلْقُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ مَعْرُوفٌ وَحَكَمَ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ هُنَا سِلْقٌ بِالرَّفْعِ وَتَكَلَّفَ فِي تَوْجِيهِهِ.

قَوْلُهُ: (تَطْحَنُهَا) فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي تَطْبُخُهَا بِتَقْدِيمِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ.

قَوْلُهُ: (فَتَكُونُ أُصُولُ السِّلْقِ عَرَقَهُ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا قَافٌ ثُمَّ هَاءُ ضَمِيرٍ أَيْ عَرَقُ الطَّعَامِ وَالْعَرَقُ اللَّحْمُ الَّذِي عَلَى الْعَظْمِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ السِّلْقَ يَقُومُ مَقَامَهُ عِنْدَهُمْ. وَسَيَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ وَاللَّهِ مَا فِيهِ شَحْمٌ وَلَا وَدَكٌ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ غَرِقَةً بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبَعْدَ الْقَافِ هَاءُ التَّأْنِيثِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ السِّلْقَ يَغْرَقُ فِي الْمَرْقَةِ لِشِدَّةِ نُضْجِهِ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ السَّلَامِ عَلَى النِّسْوَةِ الْأَجَانِبِ، وَاسْتِحْبَابُ التَّقَرُّبِ بِالْخَيْرِ وَلَوْ بِالشَّيْءِ الْحَقِيرِ، وَبَيَانُ مَا كَانَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ مِنَ الْقَنَاعَةِ وَشِدَّةِ الْعَيْشِ وَالْمُبَادَرَةِ إِلَى الطَّاعَةِ .

قَوْلُهُ: (بِهَذَا) أَيْ بِالْحَدِيثِ الَّذِي