للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ وَحْدَهُ، وَلَفْظُ الْأَعْمَشِ: إِذَا أَطْعَمَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا. وَلَفْظُ مَنْصُورٍ: إِذَا أَنْفَقَتْ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا. وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ وَلَفْظُهُ.

إِذَا تَصَدَّقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا كُتِبَ لَهَا أَجْرٌ وَلِزَوْجِهَا مِثْلُ ذَلِكَ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ لَا يُنْقِصُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ أَجْرِ صَاحِبِهِ شَيْئًا، لِلزَّوْجِ بِمَا اكْتَسَبَ وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، وَلِشُعْبَةَ فِيهِ إِسْنَادٌ آخَرُ أَوْرَدَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَائِشَةَ، لَيْسَ فِيهِ مَسْرُوقٌ وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِالْإِسْنَادَيْنِ وَقَالَ: إِنَّ رِوَايَةَ مَنْصُورٍ، وَالْأَعْمَشِ بِذِكْرِ مَسْرُوقٍ فِيهِ أَصَحُّ.

قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: (وَلَهُ مِثْلُهُ) أَيْ: مِثْلُ أَجْرِهَا (وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي تَسَاوِيَهُمْ فِي الْأَجْرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمِثْلِ حُصُولَ الْأَجْرِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ كَانَ أَجْرُ الْكَاسِبِ أَوْفَرَ، لَكِنَّ التَّعْبِيرَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي ذَكَرْتُهُ بِقَوْلِهِ: فَلَهَا نِصْفُ أَجْرِهِ يُشْعِرُ بِالتَّسَاوِي، وَقَدْ سَبَقَ قَبْلُ بِسِتَّةِ أَبْوَابٍ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ أَيْضًا، وَزَادَ فِي آخِرِهِ: لَا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ. وَالْمُرَادُ عَدَمُ الْمُسَاهَمَةِ وَالْمُزَاحَمَةِ فِي الْأَجْرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ مُسَاوَاةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ الْأَمَانَةِ، وَسَخَاوَةُ النَّفْسِ، وَطِيبُ النَّفْسِ فِي فِعْلِ الْخَيْرِ، وَالْإِعَانَةُ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ.

٢٧ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقَ مَالٍ خَلَفًا

١٤٤٢ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ أَبِي الْحُبَابِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا.

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾ الْآيَةَ) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: أَدْخَلَ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ بَيْنَ أَبْوَابِ التَّرْغِيبِ فِي الصَّدَقَةِ لِيُفْهَمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْخَاصَّ بِهَا التَّرْغِيبُ فِي الْإِنْفَاقِ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ، وَأنَّ ذَلِكَ مَوْعُودٌ عَلَيْهِ بِالْخَلَفِ فِي الْعَاجِلِ زِيَادَةً عَلَى الثَّوَابِ الْآجِلِ.

قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقَ مَالٍ خَلَفًا) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْآيَةِ وَحَذْفُ أَدَاةِ الْعَطْفِ كَثِيرٌ، وَهُوَ مَذْكُورٌ عَلَى سَبِيلِ الْبَيَانِ لِلْحُسْنَى، أَيْ: تَيْسِيرُ الْحُسْنَى لَهُ إِعْطَاءُ الْخَلَفِ. قُلْتُ: قَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: أَعْطَى مِمَّا عِنْدَهُ وَاتَّقَى رَبَّهُ، وَصَدَّقَ بِالْخَلَفِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. ثُمَّ حَكَى عَنْ غَيْرِهِ أَقْوَالًا أُخْرَى قَالَ: وَأَشْبَهُهَا بِالصَّوَابِ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهُوَ بَيِّنٌ فِيمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ: حَدَّثَنِي خَالِدٌ الْعَصْرِيُّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا، نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿لِلْعُسْرَى﴾ وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ آخِرِهِ. وقَوْلُهُ: مُنْفِقَ مَالٍ؛ بِالْإِضَافَةِ. وَلِبَعْضِهِمْ: مُنْفِقًا مَالًا خَلَفًا، وَمَالًا مَفْعُولُ مُنْفِقَ، بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْإِضَافَةِ وَلَوْلَاهَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولَ أَعْطَى، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّ سِيَاقَ الْحَدِيثِ لِلْحَضِّ عَلَى إِنْفَاقِ الْمَالِ، فَنَاسَبَ أَنْ