للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْآخَرِ: نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَإِنَّ بِالْمَدِينَةِ خَمْسَةَ أَشْرِبَةٍ كُلُّهَا تُدْعَى الْخَمْرَ مَا فِيهَا خَمْرُ الْعِنَبِ. وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْأَحْكَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ لِتَشْتَهِرَ بَيْنَ السَّامِعِينَ، وَذِكْرُ مَا بَعْدُ فِيهَا، وَالتَّنْبِيهُ بِالنِّدَاءِ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى شَرَفِ الْعَقْلِ وَفَضْلِهِ، وَتَمَنِّي الْخَيْرِ، وَتَمَنِّي الْبَيَانِ لِلْأَحْكَامِ، وَعَدَمِ الِاسْتِثْنَاءِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ حَجَّاجٌ) هُوَ ابْنُ مِنْهَالٍ، وَحَمَّادٌ هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي حَيَّانَ مَكَانَ الْعِنَبِ الزَّبِيبُ) يَعْنِي أَنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ بِهَذَا السَّنَدِ وَالْمَتْنِ فَذَكَرَ الزَّبِيبَ بَدَلَ الْعِنَبِ، وَهَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ كَذَلِكَ وَلَيْسَ فِيهِ سُؤَالُ أَبِي حَيَّانَ الْأَخِيرُ وَجَوَابُ الشَّعْبِيِّ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ وَمِنْ رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي حَيَّانَ الزَّبِيبُ بَدَلَ الْعِنَبِ كَمَا قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ. قُلْتُ: وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٦ - بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ

٥٥٩٠ - وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْكِلَابِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ - أَوْ أَبُو مَالِكٍ - الْأَشْعَرِيُّ وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُولُ: لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ - يَعْنِي الْفَقِيرَ - لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ، وَيَضَعُ الْعَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ) قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: ذَكَرَهُ بِاعْتِبَارِ الشَّرَابِ، وَإِلَّا فَالْخَمْرُ مُؤَنَّثٌ سَمَاعِيٌّ. قُلْتُ: بَلْ فِيهِ لُغَةٌ بِالتَّذْكِيرِ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ تَسْمِيَتُهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا. وَذَكَرَ ابْنُ التِّينِ، عَنِ الدَّاوُدِيِّ قَالَ: كَأَنَّهُ يُرِيدُ بِالْأُمَّةِ مَنْ يَتَسَمَّى بِهِمْ وَيَسْتَحِلُّ مَا لَا يَحِلُّ لَهُمْ، فَهُوَ كَافِرٌ إِنْ أَظْهَرَ ذَلِكَ، وَمُنَافِقٌ إِنْ أَسَرَّهُ، أَوْ مَنْ يَرْتَكِبِ الْمَحَارِمَ مُجَاهَرَةً وَاسْتِخْفَافًا فَهُوَ يُقَارِبُ الْكُفْرَ وَإِنْ تَسَمَّى بِالْإِسْلَامِ، لِأَنَّ اللَّهَ لَا يَخْسِفُ بِمَنْ تَعُودُ عَلَيْهِ رَحْمَتُهُ فِي الْمَعَادِ. كَذَا قَالَ ; وَفِيهِ نَظَرٌ يَأْتِي تَوْجِيهُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: التَّرْجَمَةُ مُطَابِقَةٌ لِلْحَدِيثِ إِلَّا فِي قَوْلِهِ: وَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَكَأَنَّهُ قَنَعَ بِالِاسْتِدْلَالِ لَهُ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: مِنْ أُمَّتِي لِأَنَّ مَنْ كَانَ مِنَ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ يَبْعُدُ أَنْ يَسْتَحِلَّ الْخَمْرَ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ، إِذْ لَوْ كَانَ عِنَادًا وَمُكَابَرَةً لَكَانَ خَارِجًا عَنِ الْأُمَّةِ، لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ قَدْ عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ. قَالَ: وَقَدْ وَرَدَ فِي غَيْرِ هَذَا الطريقِ التَّصْرِيحُ بِمُقْتَضَى التَّرْجَمَةِ، لَكِنْ لَمْ يُوَافِقْ شَرْطَهُ فَاقْتَنَعَ بِمَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي سَاقَهَا مِنَ الْإِشَارَةِ.

قُلْتُ: الرِّوَايَةُ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مَالِكِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ : لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَلَهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا لِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ السَّمْطِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَفَعَهُ: يَشْرَبُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بِلَفْظِ: لَيَسْتَحِلَّنَّ طَائِفَةٌ مِنَ أُمَّتِي الْخَمْرَ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ، وَلَكِنِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ فَقَالَ: عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلِابْنِ مَاجَهْ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَفَعَهُ: لَا تَذْهَبُ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي