وَأَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: دَخَلَ عَلَى جَابِرٍ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ فَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ خُبْزًا وَخَلًّا فَقَالَ: كُلُوا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ. إِنَّهُ هَلَاكٌ بِالرَّجُلِ أَنْ يَدْخُلَ إِلَيْهِ النَّفَرُ مِنْ إِخْوَانِهِ فَيَحْتَقِرُ مَا فِي بَيْتِهِ أَنْ يُقَدِّمَهُ إِلَيْهِمْ، وَهَلَاكٌ بِالْقَوْمِ أَنْ يَحْتَقِرُوا مَا قُدِّمَ إِلَيْهِمْ. وَوَرَدَ فِي فَضْلِ الزِّيَارَةِ أَحَادِيثُ: مِنْهَا عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ: طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ الْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ، وَعِنْدَ مَالِكٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مَرْفُوعًا: حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ الْحَدِيثَ، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ، وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رَفَعَهُ: مَنْ زَارَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ خَاضَ فِي الرَّحْمَةِ حَتَّى يَرْجِعَ.
قَوْلُهُ: (وَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ فَأَكَلَ عِنْدَهُ) هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ لِأَبِي جُحَيْفَةَ، تَقَدَّمَ مُسْتَوْفًى مَشْرُوحًا فِي كِتَابِ الصِّيَامِ.
قَوْلُهُ: (عَبْدُ الْوَهَّابِ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ.
قَوْلُهُ: (زَارَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْأَنْصَارِ) هُمْ أَهْلُ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ كَمَا مَضَى في الصلاة مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ وَأَوَّلُهُ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ الصَّلَاةَ مَعَكَ، وَصَنَعَ طَعَامًا الْحَدِيثَ، وَأَوْرَدَهُ فِي صَلَاةِ الضُّحَى وَقِصَّةُ عِتْبَانَ وَطَلَبُهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ، قَدْ تَقَدَّمَتْ فِي الصَّلَاةِ أَيْضًا مُطَوَّلَةً. وَفِيهَا أَنَّهُ ﷺ بَعْدَ أَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ تَأَخَّرَ حَتَّى أَكَلَ عِنْدَهُمْ، وَفِيهِ قِصَّةُ مَالِكِ بْنِ الدُّخْشُمِ، وَوَقَعَ لَهُ ﷺ نَحْوَ الْقِصَّةِ الَّتِي فِي هَذَا الْبَابِ فِي بَيْتِ أَبِي طَلْحَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ كُنْيَةِ الصَّبِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ، فَإِنَّ فِيهِ ذِكْرُ الْبِسَاطِ وَنَضْحِهِ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الطَّعَامِ، نَعَمْ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ، وَفِيهِ ذِكْرُ نَضْحِ الْحَسيرِ الصَّلَاةِ بِهِمْ، ولَكِنْ لَيْسَ فِي أَوَّلِهِ الْقِصَّةُ فِي رِوَايَةِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الرَّجُلَ قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ الصَّلَاةَ مَعَكَ فَإِنَّ هَذَا الْقَدْرَ مُخْتَصٌّ بِقِصَّةِ عِتْبَانَ، فَتَعَيَّنَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ، وَوَهِمَ مَنْ رَجَّحَ أَنَّهُ بَيْتُ أَبِي طَلْحَةَ، وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ الزِّيَارَةِ وَدُعَاءِ الزَّائِرِ لِمَنْ زَارَهُ وَطَعِمَ عِنْدَهُ.
٦٦ - بَاب مَنْ تَجَمَّلَ لِلْوُفُودِ
٦٠٨١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ لِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: مَا الْاتَبرَقُ؟ قُلْتُ: مَا غَلُظَ مِنْ الدِّيبَاجِ، وَخَشُنَ مِنْهُ. قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ: رَأَى عُمَرُ عَلَى رَجُلٍ حُلَّةً مِنْ اسْتَبْرَقٍ، فَأَتَى بِهَا النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْتَرِ هَذِهِ فَالْبَسْهَا لِوَفْدِ النَّاسِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ. فَمَضَى في ذَلِكَ مَا مَضَى. ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ إِلَيْهِ بِحُلَّةٍ، فَأَتَى بِهَا النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: بَعَثْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ، وَقَدْ قُلْتَ فِي مِثْلِهَا إِنَّمَا قلت: قال: إنا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِتُصِيبَ بِهَا مَالًا. فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ لِهَذَا الْحَدِيثِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ تَجَمَّلَ لِلْوُفُودِ) أَيْ حَسَّنَ هَيْئَتَهُ بِالْمَلْبُوسِ وَنَحْوِهِ لِمَنْ يَقْدُمُ عَلَيْهِ، وَالْوُفُودُ جَمْعُ وَافِدٍ، وَهُوَ مَنْ يَقْدُمُ عَلَى مَنْ لَهُ أَمْرٌ أَوْ سُلْطَانٌ زَائِرًا أَوْ مُسْتَرْفِدًا، وَالْمُرَادُ هنا مِنْ قَوْلِ عُمَرَ لِلْوُفُودِ مَنْ كَانَ يَرِدُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ مِمَّنْ يُرْسِلُهُمْ قَبَائِلُهُمْ يُبَايِعُونَ لَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَيَتَعَلَّمُونَ أُمُورَ الدِّينِ حَتَّى يُعَلِّمُوهُمْ، وَإِنَّمَا أَوْرَدَ للتَّرْجَمَةَ بِصُورَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute