تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَرِيبًا فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ خَالَفَ أَصْحَابَهُ الْكُوفِيِّينَ وَوَافَقَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (وَقَدْ كَرِهَ النَّبِيُّ ﷺ الظَّنَّ فَقَالَ: إِنَّمَا هَذِهِ صَفِيَّةُ) هُوَ طَرَفٌ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي وَصَلَهُ بَعْدُ، وَقَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الْمَوْصُولَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَيِ ابْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ الْمُلَقَّبُ بِزَيْنِ الْعَابِدِينَ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَتَتْهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ) هَذَا صُورَتُهُ مُرْسَلٌ، وَمِنْ ثَمَّ عَقَّبَهُ الْبُخَارِيُّ بِقَوْلِهِ رَوَاهُ شُعَيْبٌ، وَابْنُ مُسَافِرٍ، وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ - أَيِ ابْنِ الْحُسَيْنِ - عَنْ صَفِيَّةَ يَعْنِي فَوَصَلُوهُ، فَتُحْمَلُ رِوَايَةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَلَى أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ تَلَقَّاهُ عَنْ صَفِيَّةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مَعَ شَرْحِ حَدِيثِ صَفِيَّةَ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الِاعْتِكَافِ فَإِنَّهُ سَاقَهُ هُنَاكَ تَامًّا وَأَوْرَدَهُ هُنَا مُخْتَصَرًا.
وَرِوَايَةُ شُعَيْبٍ وَهُوَ ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَصَلَهَا الْمُصَنِّفُ فِي الِاعْتِكَافِ أَيْضًا وَفِي كِتَابِ الْأَدَبِ وَرِوَايَةُ ابْنِ مُسَافِرٍ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ الْفَهْمِيُّ، وَصَلَهَا أَيْضًا فِي الصَّوْمِ وَفِي فَرْضِ الْخُمُسِ، وَرِوَايَةُ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَصَلَهَا الْمُصَنِّفُ فِي الِاعْتِكَافِ وَأَوْرَدَهَا فِي الْأَدَبِ أَيْضًا مَقْرُونَةً بِرِوَايَةِ شُعَيْبٍ، وَرِوَايَةُ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى وَصَلَهَا الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ وَرَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا مَعْمَرٌ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي صِفَةِ إِبْلِيسَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ وَمُرْسَلًا فِي فَرْضِ الْخُمُسِ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَأَوْرَدَهَا النَّسَائِيُّ مَوْصُولَةً مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ مَعْمَرٍ وَمُرْسَلَةً مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْهُ وَوَصَلَهُ أَيْضًا عَنِ الزُّهْرِيِّ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُوسَى التَّيْمِيُّ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ، وَأَبِي عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ أَيْضًا، وَهُشَيْمٌ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ وَآخَرُونَ. وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِحَدِيثِ صَفِيَّةَ لِمَنْ مَنَعَ الْحُكْمَ بِالْعِلْمِ أَنَّهُ ﷺ كَرِهَ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِ الْأَنْصَارِيِّينَ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ شَيْءٌ، فَمُرَاعَاةُ نَفْيِ التُّهْمَةِ عَنْهُ مَعَ عِصْمَتِهِ تَقْتَضِي مُرَاعَاةَ نَفْيِ التُّهْمَةِ عَمَّنْ هُوَ دُونَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَنْ رَأَى لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ بَيَانُ حُجَّةِ مَنْ أَجَازَ وَمَنْ مَنَعَ بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا.
٢٢ - بَاب أَمْرِ الْوَالِي إِذَا وَجَّهَ أَمِيرَيْنِ إِلَى مَوْضِعٍ أَنْ يَتَطَاوَعَا وَلَا يَتَعَاصَيَا
٧١٧٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ أَبِي وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا. فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: إِنَّهُ يُصْنَعُ بِأَرْضِنَا الْبِتْعُ. فَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ. وَقَالَ النَّضْرُ وَأَبُو دَاوُدَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَوَكِيعٌ: عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ.
قَوْلُهُ: بَابُ أَمْرِ الْوَالِي إِذَا وَجَّهَ أَمِيرَيْنِ إِلَى مَوْضِعٍ أَنْ يَتَطَاوَعَا وَلَا يَتَعَاصَيَا) بِمُهْمَلَتَيْنِ وَيَاءٍ تَحْتَانِيَّةٍ، وَلِبَعْضِهِمْ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَمُوَحَّدَةٍ. ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي بُرْدَةَ بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ أَبِي يَعْنِي أَبَا مُوسَى، وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ وَقَبْلَ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي.
قَوْلُهُ: (بَشِّرَا) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الْمَغَازِي.
قَوْلُهُ: (وَتَطَاوَعَا) أَيْ تَوَافَقَا فِي الْحُكْمِ وَلَا تَخْتَلِفَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى اخْتِلَافِ أَتْبَاعِكُمَا، فَيُفْضِي إِلَى الْعَدَاوَةِ ثُمَّ الْمُحَارَبَةِ، وَالْمَرْجِعُ فِي الِاخْتِلَافِ إِلَى مَا جَاءَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute