للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَلَى الطَّالِبِ مَثَلًا مَسْأَلَةً فَتَشَاغَلَ الطَّالِبُ بِشَيْءٍ عَرَضَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَلْقِ بَالَكَ وَتَفَهَّمْ مَا أَقُولُ، ثُمَّ كَمِّلِ الْمَسْأَلَةَ، فَمَنْ لَا يَعْرِفُ السَّبَبَ يَقُولُ: لَيْسَ هَذَا الْكَلَامُ مُنَاسِبًا لِلْمَسْأَلَةِ، بِخِلَافِ مَنْ عَرَفَ ذَلِكَ.

وَمِنْهَا أَنَّ النَّفْسَ لَمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي أَوَّلِ السُّورَةِ عَدَلَ إِلَى ذِكْرِ نَفْسِ الْمُصْطَفَى، كَأَنَّهُ قِيلَ: هَذَا شَأْنُ النُّفُوسِ، وَأَنْتَ يَا مُحَمَّدُ نَفْسُكَ أَشْرَفُ النُّفُوسِ فَلْتَأْخُذْ بِأَكْمَلِ الْأَحْوَالِ. وَمِنْهَا مُنَاسَبَاتٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْفَخْرُ الرَّازِيُّ لَا طَائِلَ فِيهَا مَعَ أَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ تَعَسُّفٍ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾؛ سَوْفَ أَتُوبُ، سَوْفَ أَعْمَلُ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿بَلْ يُرِيدُ الإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ يَعْنِي الْأَمَلَ، يَقُولُ: أَعْمَلُ ثُمَّ أَتُوبُ. وَوَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: يَقُولُ: سَوْفَ أَتُوبُ. وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ الْكَافِرُ يُكَذِّبُ بِالْحِسَابِ وَيَفْجُرُ أَمَامَهُ؛ أَيْ يَدُومُ عَلَى فُجُورِهِ بِغَيْرِ تَوْبَةٍ.

قَوْلُهُ: (لَا وَزَرَ لَا حِصْنَ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَكِنْ قَالَ: حِرْزٌ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا زَايٌ. وَمِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا حِصْنَ وَلَا مَلْجَأَ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿لا وَزَرَ﴾ قَالَ: لَا حِصْنَ، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَكُونُ فِي مَاشِيَتِهِ فَتَأْتِيهِ الْخَيْلُ بَغْتَةً، فَيَقُولُ لَهُ صَاحِبُهُ: الْوَزَرَ الْوَزَرَ؛ أَيِ اقْصِدِ الْجَبَلَ فَتَحَصَّنْ بِهِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْوَزَرُ الْمَلْجَأُ.

قَوْلُهُ: (سُدًى: هَمَلًا) وَقَعَ هَذَا مُقَدَّمًا عَلَى مَا قَبْلَهُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ، وَقَدْ وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ (سُدًى): أَيْ لَا يُنْهَى وَلَا يُؤْمَرُ، قَالُوا: أَسْدَيْتُ حَاجَتِي أَيْ أَهْمَلْتُهَا.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ وَكَانَ ثِقَةً) هُوَ مَقُولُ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ كُوفِيٌّ مِنْ مَوَالِي آلِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ يُكَنَّى أَبَا الْحَسَنِ، وَاسْمُ أَبِيهِ لَا يُعْرَفُ، وَمَدَارُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَيْهِ. وَقَدْ تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَيْضًا عَنْهُ، فَمِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ مَنْ وَصَلَهُ بِذِكْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ مِنْهُمْ أَبُو كُرَيْبٍ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلَهُ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ.

قَوْلُهُ: (حَرَّكَ بِهِ لِسَانَهُ، وَوَصَفَ سُفْيَانُ يُرِيدُ أَنْ يَحْفَظَهُ) فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ: وَحَرَّكَ سُفْيَانُ شَفَتَيْهِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ: تَعَجَّلَ يُرِيدُ حِفْظَهُ، فَنَزَلَتْ.

قَوْلُهُ: (فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ إِلَى هُنَا رِوَايَةُ أَبِي ذَرٍّ، وَزَادَ غَيْرُهُ الْآيَةَ الَّتِي بَعْدَهَا، وَزَادَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي رِوَايَتِهِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: وَكَانَ لَا يَعْرِفُ خَتْمَ السُّورَةِ حَتَّى تَنْزِلَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

٢ - بَاب: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾

٤٩٢٨ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ﴾ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ﴾ - يَخْشَى أَنْ يَنْفَلِتَ مِنْهُ - ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ﴾ - أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ - وَقُرْآنَهُ؛ أَنْ تَقْرَأَهُ، ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ﴾ - يَقُولُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ - ﴿فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ أَنْ نُبَيِّنَهُ عَلَى لِسَانِكَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَ مِنْ رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ أَتَمَّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَقَدِ اسْتَغْرَبَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ: كَذَا أَخْرَجَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، ثُمَّ أَخْرَجَهُ هُوَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ: ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ﴾ قَالَ: كَانَ يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَنْفَلِتَ