للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رِوَايَةِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ كَذَلِكَ، وَالْأَعْرَجُ شَيْخُ الزُّهْرِيِّ فِيهِ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ فَذَكَرَهُ. وَلِسُفْيَانَ فِيهِ شَيْخٌ آخَرُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، صَرَّحَ فِيهِ بِرَفْعِهِ إِلَى النَّبِيِّ ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ: سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ثَابِتًا الْأَعْرَجَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ، قَالَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا صَرِيحًا، وَأَخْرَجَ لَهُ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ كَذَلِكَ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ اللَّامَ فِي الدَّعْوَةِ لِلْعَهْدِ مِنَ الْوَلِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَلِيمَةَ إِذَا أُطْلِقَتْ حُمِلَتْ عَلَى طَعَامِ الْعُرْسِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْوَلَائِمِ فَإِنَّهَا تُقَيَّدُ، وَقَوْلُهُ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ أَيْ أَنَّهَا تَكُونُ شَرَّ الطَّعَامِ إِذَا كَانَتْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا خُصَّ الْغَنِيُّ وَتُرِكَ الْفَقِيرُ أُمِرْنَا أَنْ لَا نُجِيبَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَإِذَا مَيَّزَ الدَّاعِي بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ فَأَطْعَمَ كُلًّا عَلَى حِدَةٍ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ، وَقَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ.

وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ مَنْ مُقَدَّرَةٍ كَمَا يُقَالُ شَرُّ النَّاسِ مَنْ أَكَلَ وَحْدَهُ أَيْ مِنْ شَرِّهِمْ، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ شَرًّا لِمَا ذُكِرَ عَقِبَهُ؛ فَكَأَنَّهُ قَالَ: شَرُّ الطَّعَامِ الَّذِي شَأْنُهُ كَذَا، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: اللَّامُ فِي الْوَلِيمَةِ لِلْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ، إِذْ كَانَ مِنْ عَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَدْعُوا الْأَغْنِيَاءَ وَيَتْرُكُوا الْفُقَرَاءَ. وَقَوْلُهُ يُدْعَى إِلَخْ اسْتِئْنَافٌ وَبَيَانٌ لِكَوْنِهَا شَرَّ الطَّعَامِ، وَقَوْلُهُ وَمَنْ تَرَكَ إِلَخْ حَالٌ وَالْعَامِلُ يُدْعَى، أَيْ يُدْعَى الْأَغْنِيَاءُ، وَالْحَالُ أَنَّ الْإِجَابَةَ وَاجِبَةٌ فَيَكُونُ دُعَاؤُهُ سَبَبًا لِأَكْلِ الْمَدْعُوِّ شَرَّ الطَّعَامِ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَطَّالٍ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: أَنْتُمُ الْعَاصُونَ فِي الدَّعْوَةِ، تَدْعُونَ مَنْ لَا يَأْتِي وَتَدْعُونَ مَنْ يَأْتِي، يَعْنِي بِالْأَوَّلِ الْأَغْنِيَاءَ وَبِالثَّانِي الْفُقَرَاءَ.

قَوْلُهُ (شَرُّ الطَّعَامِ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ بِئْسَ الطَّعَامُ وَالْأَوَّلُ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِ، وَكَذَا فِي بَقِيَّةِ الطُّرُقِ.

قَوْلُهُ (يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ) فِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ الْأَعْرَجِ يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا وَيُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ لِطَعَامِ الْوَلِيمَةِ؛ فَلَوْ دَعَا الدَّاعِي عَامًّا لَمْ يَكُنْ طَعَامُهُ شَرَّ الطَّعَامِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: بِئْسَ الطَّعَامُ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى إِلَيْهِ الشَّبْعَانُ وَيُحْبَسُ عَنْهُ الْجَيْعَانُ. قَوْلُهُ (وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ) أَيْ تَرَكَ إِجَابَةَ الدَّعْوَةِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورَةِ: وَمَنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلرِّوَايَةِ الْأُخْرَى.

قَوْلُهُ (فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ) هَذَا دَلِيلُ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ، لِأَنَّ الْعِصْيَانَ لَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ عُمَرَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ: مَنْ دُعِيَ إِلَى وَلِيمَةٍ فَلَمْ يَأْتِهَا؛ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ.

٧٣ - بَاب مَنْ أَجَابَ إِلَى كُرَاعٍ

٥١٧٨ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ، قَالَ: لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ.

قَوْلُهُ (بَابُ مَنْ أَجَابَ إِلَى كُرَاعٍ) بِضَمِّ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَآخِرُهُ عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ: هُوَ مُسْتَدَقُّ السَّاقِ مِنَ الرِّجْلِ وَمِنْ حَدِّ الرُّسْغِ مِنَ الْيَدِ، وَهُوَ مِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ بِمَنْزِلَةِ الْوَظِيفِ مِنَ الْفَرَسِ وَالْبَعِيرِ، وَقِيلَ الْكُرَاعُ مَا دُونَ الْكَعْبِ مِنَ الدَّوَابِّ، وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: كُرَاعُ كُلِّ شَيْءٍ طَرَفُهُ.

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَبَدَانُ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، وَأَبُو حَمْزَةَ بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ هُوَ الْيَشْكُرِيُّ.

قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي حَازِمٍ) تَقَدَّمَ فِي الْهِبَةِ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَهُوَ لَا يَرْوِي عَنْ مَشَايِخِهِ إِلَّا مَا ظَهَرَ لَهُ سَمَاعُهُمْ فِيهِ، وَأَبُو حَازِمٍ هَذَا هُوَ سَلْمَانُ بِسُكُونِ اللَّامِ مَوْلَى عَزَّةَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدٍ