للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْ هَذَا النُّورِ). فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: فَذَلِكَ مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ قَبِلُوا هُدَى اللَّهِ وَمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُهُ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى تَرَكُوا مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ بَقَاءَ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَزِيدُ عَلَى الْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ مُدَّةَ الْيَهُودِ نَظِيرُ مُدَّتَيِ النَّصَارَى وَالْمُسْلِمِينَ، وَقَدِ اتَّفَقَ أَهْلُ النَّقْلِ عَلَى أَنَّ مُدَّةَ الْيَهُودِ إِلَى بَعْثَةِ النَّبِيِّ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَيْ سَنَةٍ، وَمُدَّةَ النَّصَارَى مِنْ ذَلِكَ سِتُّمِائَةٍ، وَقِيلَ: أَقَلُّ، فَتَكُونُ مُدَّةُ الْمُسْلِمِينَ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ قَطْعًا، وَتَضَمَّنَ الْحَدِيثُ أَنَّ أَجْرَ النَّصَارَى كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْيَهُودِ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ عَمِلُوا نِصْفَ النَّهَارِ بِقِيرَاطٍ وَالنَّصَارَى نَحْوَ رُبُعِ النَّهَارِ بِقِيرَاطٍ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَا حَصَلَ لِمَنْ آمَنَ مِنَ النَّصَارَى بِمُوسَى وَعِيسَى فَحَصَلَ لَهُمْ تَضْعِيفُ الْأَجْرِ مَرَّتَيْنِ، بِخِلَافِ الْيَهُودِ فَإِنَّهُمْ لَمَّا بُعِثَ عِيسَى كَفَرُوا بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ تَفْضِيلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَتَوْفِيرُ أَجْرِهَا مَعَ قِلَّةِ عَمَلِهَا. وَفِيهِ جَوَازُ اسْتِدَامَةُ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ، وَفِي قَوْلِهِ: فَإِنَّمَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ شَيْءٌ يَسِيرٌ، إِشَارَةٌ إِلَى قِصَرِ مُدَّةِ الْمُسْلِمِينَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مُدَّةِ غَيْرِهِمْ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعَمَلَ مِنَ الطَّوَائِفِ كَانَ مُسَاوِيًا فِي الْمِقْدَارِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي الْمَوَاقِيتِ مَشْرُوحًا.

١٢ - باب مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَتَرَكَ أَجْرَهُ فَعَمِلَ فِيهِ الْمُسْتَأْجِر فَزَادَ أَوْ مَنْ عَمِلَ فِي مَالِ غَيْرِهِ فَاسْتَفْضَلَ

٢٢٧٢ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: انْطَلَقَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوْا الْمَبِيتَ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ، فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنْ الْجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمْ الْغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لَا يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَكُنْتُ لَا أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلًا وَلَا مَالًا، فَنَأَى بِي فِي طَلَبِ شَيْءٍ قوْمًا فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ، فكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلًا أَوْ مَالًا، فَلَبِثْتُ وَالْقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الْفَجْرُ، فَاسْتَيْقَظَا، فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، فَانْفَرَجَتْ شَيْئًا لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ. قَالَ النَّبِيُّ : وَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ فَأَرَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَامْتَنَعَتْ مِنِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنْ السِّنِينَ فَجَاءَتْنِي فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِهَا، فَفَعَلَتْ حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا قَالَتْ: لَا أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَتَحَرَّجْتُ مِنْ الْوُقُوعِ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا.

اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلك ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتْ الصَّخْرَةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهَا، قَالَ النَّبِيُّ : وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ، غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ