بِهَذَا يُرِيدُ مَا تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، عَنْ سُلَيْمَانَ ابْنِ حَرْبٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ وَكَانَ رِفَاعَةُ بَدْرِيًّا وَكَانَ رَافِعٌ عَقَبِيًّا وَكَانَ يَقُولُ لِابْنِهِ: مَا أُحِبُّ أَنِّي شَهِدْتُ بَدْرًا وَلَمْ أَشْهَدِ الْعَقَبَةَ قَالَ: سَأَلَ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ ﷺ: كَيْفَ أَهْلُ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ: خِيَارُنَا. قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ هُمْ خِيَارُ الْمَلَائِكَةِ وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ نَحْوَهُ سَاقَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ لَفْظَ يَزِيدَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ عَنْهُ بِلَفْظِ إِنَّ مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ أَنَّ السَّائِلَ هُوَ جِبْرِيلُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ رَافِعَ بْنَ مَالِكٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ التَّصْرِيحَ بِتَفْضِيلِ أَهْلِ بَدْرٍ عَلَى غَيْرِهِمْ فَقَالَ مَا قَالَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ، وَشُبْهَتُهُ أَنَّ الْعَقَبَةَ كَانَتْ مَنْشَأَ نُصْرَةِ الْإِسْلَامِ وَسَبَبَ الْهِجْرَةِ الَّتِي نَشَأَ مِنْهَا الِاسْتِعْدَادُ لِلْغَزَوَاتِ كُلِّهَا، لَكِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ (أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: هَذَا جِبْرِيلُ) الْحَدِيثَ هُوَ مِنْ مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ، وَلَعَلَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَمَلَهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ فِي يَوْمِ بَدْرٍ خَفَقَ خَفْقَةً ثُمَّ انْتَبَهَ فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَتَاكَ نَصْرُ اللَّهِ، هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ يَقُودُهُ عَلَى ثَنَايَاهُ الْغُبَارُ وَوَقَعَتْ فِي بَعْضِ الْمَرَاسِيلِ تَتِمَّةٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ مُقَيَّدَةٌ، وَهِيَ مَا أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ مُرْسَلِ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ بَدْرٍ عَلَى فَرَسٍ حَمْرَاءَ مَعْقُودَةِ النَّاصِيَةِ قَدْ تَخَضَّبَ الْغُبَارُ بِثَنِيَّتِهِ عَلَيْهِ دِرْعُهُ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكَ وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أُفَارِقَكَ حَتَّى تَرْضَى، أَفَرَضِيتَ؟ قَالَ: نَعَمْ وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: إِنِّي لَأَتَّبِعُ يَوْمَ بَدْرٍ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ لِأَضْرِبَهُ فَوَقَعَ رَأْسُهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ سَيْفِي وَوَقَعَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا يَقُولُ هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهَا، ثُمَّ هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، وَأَظُنُّهُ ذَكَرَ ثَالِثَةً، فَكَانَتِ الْأُولَى جِبْرِيلَ وَالثَّانِيَةُ مِيكَائِيلَ وَالثَّالِثَةُ إِسْرَافِيلَ، وَكَانَ مِيكَائِيلُ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ ﷺ وَفِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَإِسْرَافِيلُ عَنْ يَسَارِهِ وَأَنَا فِيهَا وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قِيلَ لِي وَلِأَبِي بَكْرٍ يَوْمَ بَدْرٍ: مَعَ أَحَدِكُمَا جِبْرِيلُ وَمَعَ الْآخَرِ
مِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ مَلَكٌ عَظِيمٌ يَحْضُرُ الصَّفَّ وَيَشْهَدُ الْقِتَالَ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي قَبْلَهُ مُمْكِنٌ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ: سُئِلْتُ عَنْ الْحِكْمَةِ فِي قِتَالِ الْمَلَائِكَةِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ مَعَ أَنَّ جِبْرِيلَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْكُفَّارَ بِرِيشَةِ مِنْ جَنَاحِهِ، فَقُلْتُ: وَقَعَ ذَلِكَ لِإِرَادَةِ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ، وَتَكُونَ الْمَلَائِكَةُ مَدَدًا عَلَى عَادَةِ مَدَدِ الْجُيُوشِ رِعَايَةً لِصُورَةِ الْأَسْبَابِ وَسُنَّتِهَا الَّتِي أَجْرَاهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي عِبَادَهِ. وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ فَاعِلُ الْجَمِيعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
١٢ - بَاب
٣٩٩٦ - حَدَّثَنِي خَلِيفَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ ﵁، قَالَ: مَاتَ أَبُو زَيْدٍ وَلَمْ يَتْرُكْ عَقِبًا، وَكَانَ بَدْرِيًّا.
٣٩٩٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ابْنِ خَبَّابٍ: أَنَّ أَبَا سَعِيدِ بْنَ مَالِكٍ الْخُدْرِيَّ ﵁ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ لَحْمًا مِنْ لُحُومِ الْأَضْحَى فَقَالَ: مَا أَنَا بِآكِلِهِ حَتَّى أَسْأَلَ. فَانْطَلَقَ إِلَى أَخِيهِ لِأُمِّهِ وَكَانَ بَدْرِيًّا قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: إِنَّهُ حَدَثَ بَعْدَكَ أَمْرٌ نَقْضٌ لِمَا كَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْهُ مِنْ أَكْلِ لُحُومِ الْأَضْحَى بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
[الحديث ٣٩٩٧ - طرفه في: ٥٥٦٨]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute