للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَأَجَابَ ابْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ أَطْلَقَ صَدَقَةَ أَرْضِهِ وَفَوَّضَ إِلَى النَّبِيِّ مَصْرِفَهَا، فَلَمَّا قَالَ لَهُ: أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ، فَفَوَّضَ لَهُ قِسْمَتَهَا بَيْنَهُمْ صَارَ كَأَنَّهُ أَقَرَّهَا فِي يَدِهِ بَعْدَ أَنْ مَضَتِ الصَّدَقَةُ.

قُلْتُ: وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ هُوَ الَّذِي تَوَلَّى قِسْمَتَهَا، وَبِذَلِكَ يَتِمُّ الْجَوَابُ، وَقَدْ بَاشَرَ أَبُو طَلْحَةَ تَعْيِينَ مَصْرِفِهَا تَفْصِيلًا، فَإِنَّ النَّبِيَّ وَإِنْ كَانَ عَيَّنَ لَهُ جِهَةَ الْمَصْرِفِ لَكِنَّهُ أَجْمَلَ فَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَقْرَبِينَ، فَلَمَّا لَمْ يُمْكِنْ أَبَا طَلْحَةَ أَنْ يَعُمَّ بِهَا الْأَقْرَبِينَ لِانْتِشَارِهِمُ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهِمْ، فَخَصَّ بِهَا مَنِ اخْتَارَ مِنْهُمْ.

١٤ - بَابُ إِذَا قَالَ: دَارِي صَدَقَةٌ لِلَّهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ فَهُوَ جَائِزٌ، وَيَضَعُهَا لِلْأَقْرَبِينَ أَوْ حَيْثُ أَرَادَ، قَالَ النَّبِيُّ لِأَبِي طَلْحَةَ حِينَ قَالَ: أَحَبُّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، فَأَجَازَ النَّبِيُّ ذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يُبَيِّنَ لِمَنْ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.

قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا قَالَ: دَارِي صَدَقَةٌ لِلَّهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ فَهُوَ جَائِزٌ، وَيُعْطِيهَا لِلْأَقْرَبِينَ أَوْ حَيْثُ أَرَادَ)، أَيْ تَتِمُّ الصَّدَقَةُ قَبْلَ تَعْيِينِ جِهَةِ مَصْرِفِهَا، ثُمَّ يُعَيِّنُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا شَاءَ.

قَوْلُهُ: (قَالَ النَّبِيُّ لِأَبِي طَلْحَةَ … إِلَخْ) هُوَ مِنْ سِيَاقِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ: (فَأَجَازَ النَّبِيُّ ذَلِكَ) هُوَ مِنْ تَفَقُّهِ الْمُصَنِّفِ. وَقَوْلُهُ: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يُبَيِّنَ لِمَنْ) أَيْ حَتَّى يُعَيِّنَ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ.

١٥ - بَاب إِذَا قَالَ: أَرْضِي أَوْ بُسْتَانِي صَدَقَةٌ لِلَّهِ عَنْ أُمِّي فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لِمَنْ ذَلِكَ

٢٧٥٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ الْمِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا.

[الحديث ٢٧٥٦ طرفاه- في: ٢٧٦٢، ٢٧٧٠]

قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا قَالَ: أَرْضِي أَوْ بُسْتَانِي صَدَقَةٌ لِلَّهِ عَنْ أُمِّي فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لِمَنْ ذَلِكَ) فَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ أَخَصُّ مِنَ الَّتِي قَبْلَهَا، لِأَنَّ الْأُولَى فِيمَا إِذَا لَمْ يُعَيِّنِ الْمُتَصَدِّقَ عَنْهُ وَلَا الْمُتَصَدِّقَ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ فِيمَا إِذَا عَيَّنَ الْمُتَصَدِّقَ عَنْهُ فَقَطْ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: ذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى صِحَّةِ الْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَصْرِفَهُ، وَوَافَقَهُ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ، قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: وَجْهُهُ أَنَّهُ إِذَا قَالَ: وَقْفٌ أَوْ صَدَقَةٌ فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْبِرَّ وَالْقُرْبَةَ، وَأَوْلَى النَّاسِ بِبِرِّهِ أَقَارِبُهُ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانُوا فُقَرَاءَ، وَهُوَ كَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَصْرِفَهُ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيُصْرَفُ فِي الْفُقَرَاءِ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يَصِحُّ حَتَّى يُعَيِّنَ جِهَةَ مَصْرِفِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ، وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: إِنْ قَالَ: وَقَفْتُهُ وَأَطْلَقَ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَإِنْ قَالَ: وَقَفْتُهُ لِلَّهِ، خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ جَزْمًا، وَدَلِيلُهُ قِصَّةُ أَبِي طَلْحَةَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ غَيْرَ مَنْسُوبٍ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَابْنِ شَبَّوَيْهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ.

قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنِي يَعْلَى) هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ،