الزُّبَيْرُ، وَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَكْبِرٍ، وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ الْمُظَفَّرِ النَّيْسَابُورِيُّ فِي كِتَابِ مَأْدُبَةِ الْأُدَبَاءِ قَالَ: كَانَ شِعَارُ أَصْحَابِ عَلِيٍّ يَوْمَ الْجَمَلِ حم، وَكَانَ شُرَيْحُ بْنُ أَبِي أَوْفَى مَعَ عَلِيٍّ، فَلَمَّا طَعَنَ شُرَيْحٌ، مُحَمَّدًا قَالَ: حم، فَأَنْشَدَ شُرَيْحٌ الشِّعْرَ. قَالَ: وَقِيلَ بَلْ قَالَ مُحَمَّدٌ لَمَّا طَعَنَهُ شُرَيْحٌ: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ﴾ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ يُذَكِّرُنِي حم أَيْ بِتِلَاوَةِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهَا مِنْ حم.
(تَكْمِلَةٌ): حم جُمِعَ عَلَى حَوَامِيمٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَيْسَ هَذَا الْجَمْعُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. وَيُقَالُ كَأَنَّ مُرَادَ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بِقَوْلِهِ أُذَكِّرُكَ حم أَيْ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي ﴿حم * عسق﴾ ﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ الْآيَةَ، كَأَنَّهُ يُذَكِّرُهُ بِقَرَابَتِهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ دَافِعًا لَهُ عَنْ قَتْلِهِ.
قَوْلُهُ: ﴿الطَّوْلِ﴾ التَّفَضُّلُ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَزَادَ تَقُولُ الْعَرَبُ لِلرَّجُلِ إِنَّهُ لَذُو طَوْلٍ عَلَى قَوْمِهِ أَيْ ذُو فَضْلٍ عَلَيْهِمْ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ذِي الطَّوْلِ قَالَ: ذِي السَّعَةِ وَالْغِنَى، وَمِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ قَالَ: ذِي الْمِنَنِ، وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ: ذِي النَّعْمَاءِ.
قَوْلُهُ: ﴿دَاخِرِينَ﴾ خَاضِعِينَ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: ﴿سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ أَيْ صَاغِرِينَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ ﴿إِلَى النَّجَاةِ﴾ إِلَى الْإِيمَانِ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا.
قَوْلُهُ: ﴿لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ﴾ يَعْنِي الْوَثَنَ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ الْأَوْثَانِ.
قَوْلُهُ: ﴿يُسْجَرُونَ﴾ تُوقَدُ بِهِمُ النَّارُ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا.
قَوْلُهُ: ﴿تَمْرَحُونَ﴾ تَبْطِرُونَ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ: يَبْطِرُونَ وَيَأْشِرُونَ.
قَوْلُهُ: (وَكَانَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ يُذَكِّرُ النَّارَ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْكَافِ أَيْ يُذَكِّرُ النَّاسَ النَّارَ أَيْ يُخَوِّفُهُمْ بِهَا.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ رَجُلٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ.
قَوْلُهُ: (لِمَ) بِكَسْرِ اللَّامِ لِلِاسْتِفْهَامِ (تُقَنِّطُ) بِتَشْدِيدِ النُّونِ، وَأَرَادَ بِذِكْرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْإِشَارَةَ إِلَى الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا﴾ فَنَهَاهُمْ عَنِ الْقُنُوطِ مِنْ رَحْمَتِهِ مَعَ قَوْلِهِ: إِنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ اسْتِدْعَاءً مِنْهُمُ الرُّجُوعَ عَنِ الْإِسْرَافِ وَالْمُبَادَرَةَ إِلَى التَّوْبَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ. وَأَبُو الْعَلَاءِ هَذَا هُوَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ تَابِعِيٌّ زَاهِدٌ قَلِيلُ الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ ذِكْرٌ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَمَاتَ قَدِيمًا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ.
ثم ذكر حَدِيثُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ مَا صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَائِلِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ
٤١ - سُورَةُ حم السَّجْدَةِ
وَقَالَ طَاوُسٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾ أَعْطِيَا. ﴿قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ أَعْطَيْنَا. وَقَالَ الْمِنْهَالُ عَنْ سَعِيدِ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي أَجِدُ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ قَالَ: ﴿فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ﴾، ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾، ﴿وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ - ﴿رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ فَقَدْ كَتَمُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَقَالَ: ﴿أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿دَحَاهَا﴾ فَذَكَرَ خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ الْأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ: ﴿أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ﴾ فَذَكَرَ فِي هَذِهِ خَلْقَ الْأَرْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ وَقَالَ تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ - ﴿عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ - ﴿سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى فَقَالَ: ﴿فَلا