جَازَ اتِّخَاذُ غَيْرِ الْعَالِيَةِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى، وَأَمَّا الْمُشْرِفَةُ فَحُكْمُهَا مُسْتَفَادٌ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْبَابَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَظُنُّ الْبُخَارِيُّ تَأَسَّى بِعُمَرَ حَيْثُ سَاقَ الْحَدِيثَ كُلَّهُ، وَكَانَ يَكْفِيهِ فِي جَوَابِ سُؤَالِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ يَكْتَفِيَ بِقَوْلِ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، كَمَا كَانَ يَكْفِي الْبُخَارِيُّ أَنْ يَكْتَفِيَ بِقَوْلِهِ مَثَلًا: وَدَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ مَشْرُبَةً لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا؛ كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ: وَاعَجَبًا بِالتَّنْوِينِ، وَأَصْلُهُ: وَا الَّتِي لِلنُّدْبَةِ، وَجَاءَ بَعْدَهُ عَجَبًا لِلتَّأْكِيدِ. وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: وَاعَجَبِي. قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: فِيهِ شَاهِدٌ عَلَى اسْتِعْمَالِ وَا فِي غَيْرِ النُّدْبَةِ وَهُوَ رَأْيُ الْمُبَرِّدِ، قِيلَ: إِنَّ عُمَرَ تَعَجَّبَ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَيْفَ خَفِيَ عَلَيْهِ هَذَا مَعَ اشْتِهَارِهِ عِنْدَهُ بِمَعْرِفَةِ التَّفْسِيرِ، أَوْ عَجِبَ مِنْ حِرْصِهِ عَلَى تَحْصِيلِ التَّفْسِيرِ بِجَمِيعِ طُرُقِهِ حَتَّى فِي تَسْمِيَةِ مَنْ أُبْهِمَ فِيهِ، وَهُوَ حُجَّةٌ ظَاهِرَةٌ فِي السُّؤَالِ عَنْ تَسْمِيَةِ مَنْ أُبْهِمَ أَوْ أُهْمِلَ.
وَقَوْلُهُ: كُنْتُ وَجَارٌ لِي بِالرَّفْعِ لِلْأَكْثَرِ، وَيَجُوزُ النَّصْبُ.
وَقَوْلُهُ فِيهِ: تُنْعِلُ النِّعَالَ؛ أَيْ تَضْرِبُهَا وَتُسَوِّيهَا، أَوْ هُوَ مُتعد إِلَى مَفْعُولَيْنِ فَحَذَفَ أَحَدَهُمَا، وَالْأَصْلُ: تُنْعِلُ الدَّوَابَّ النِّعَالَ، وَرُوِيَ: الْبِغَالُ؛ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُعْجَمَةِ، وَسَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ بِلَفْظِ: تُنْعِلُ الْخَيْلَ.
وَقَوْلُهُ: فَأَفْزَعَنِي؛ أَيِ الْقَوْلُ. وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ: فَأَفْزَعْنَنِي بِصِيغَةِ جَمْعِ الْمُؤَنَّثِ.
وَقَوْلُهُ: خَابَتْ مَنْ فَعَلَتْ مِنْهُنَّ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: جَاءَتْ مَنْ فَعَلَتْ مِنْهُنَّ بِعَظِيمٍ.
وَقَوْلُهُ: عَلَى رِمَالٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَيَجُوزُ ضَمُّهَا. يُقَالُ: رَمَلَ الْحَصِيرَ إِذَا نَسَجَهُ، وَالْمُرَادُ ضُلُوعُهُ الْمُتَدَاخِلَةُ بِمَنْزِلَةِ الْخُيُوطِ فِي الثَّوْبِ الْمَنْسُوجِ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَوْقَ الْحَصِيرِ فِرَاشٌ وَلَا غَيْرُهُ، أَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُ تَأْثِيرَ الْحَصِيرِ.
قَوْلُهُ: (فَقُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ)؛ أَيْ أَقُولُ قَوْلًا أَسْتَكْشِفُ بِهِ هَلْ يَنْبَسِطُ لِي أَمْ لَا، وَيَكُونُ أَوَّلُ كَلَامِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَنِي. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِفْهَامًا مَحْذُوفَ الْأَدَاةِ؛ أَيْ: أَأَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَيَكُونَ أَوَّلُ الْكَلَامِ الثَّانِي: لَوْ رَأَيْتَنِي، وَيَكُونَ جَوَابُ الِاسْتِفْهَامِ مَحْذُوفًا، وَاكْتَفَى فِيمَا أَرَادَ بِقَرِينَةِ الْحَالِ. وَقَوْلُهُ: أَهَبَةٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْهَاءِ، وَيَجُوزُ ضَمُّهَا.
وَقَوْلُهُ: إِنَّا أَصْبَحْنَا بِتِسْعٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: لِتِسْعٍ.
٢٦ - بَاب مَنْ عَقَلَ بَعِيرَهُ عَلَى الْبَلَاطِ أَوْ بَابِ الْمَسْجِدِ
٢٤٧٠ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ قَالَ: أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَسْجِدَ فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ، وَعَقَلْتُ الْجَمَلَ فِي نَاحِيَةِ الْبَلَاطِ، فَقُلْتُ: هَذَا جَمَلُكَ. فَخَرَجَ فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْجَمَلِ، قَالَ: الجمل والثمن لَكَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ عَقَلَ بَعِيرَهُ عَلَى الْبَلَاطِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ؛ وَهِيَ حِجَارَةٌ مَفْرُوشَةٌ كَانَتْ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بَابِ الْمَسْجِدِ هُوَ بِالِاسْتِنْبَاطِ مِنْ ذَلِكَ، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ.
وَأَوْرَدَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ جَمَلِهِ الَّذِي بَاعَهُ النَّبِيَّ ﷺ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ، وَغَرَضُهُ هُنَا قَوْلُهُ: فعَقَلْتُ الْجَمَلَ فِي نَاحِيَةِ الْبَلَاطِ؛ فَإِنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ جَوَازُ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ ضَرَرٌ.
٢٧ - بَاب الْوُقُوفِ وَالْبَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ
٢٤٧١ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ ﵁ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، أَوْ قَالَ: لَقَدْ أَتَى النَّبِيُّ ﷺ سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا.