مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ هِشَامٍ يَشْهَدُ عَلَى مَا أَقُولُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَحُكُّ مَنْكِبَهُ مَنْكِبِي، رَأَى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِثْلَ الَّذِي رَأَيْتُ، وَشَهِدَ مِثْلَ الَّذِي شَهِدْتُ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ أَنِّي لَمْ أَجِدْهُ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَقُلِ الزُّهْرِيُّ سَمِعَ أُذُنِي) هُوَ مَقُولُ سُفْيَانَ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (خُوَارٌ صَوْتٌ، وَالْجُؤَارُ مِنْ تَجْأَرُونَ كَصَوْتِ الْبَقَرَةِ) هَكَذَا وَقَعَ هُنَا، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَالْأَوَّلُ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ يُفَسِّرُ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ وَهُوَ فِي الرِّوَايَةِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَلِبَعْضِهِمْ بِالْجِيمِ، وَأَشَارَ إِلَى مَا فِي سُورَةِ طَهَ: ﴿عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ﴾ وَهُوَ صَوْتُ الْعِجْلِ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ الْبَقَرِ مِنَ الْحَيَوَانِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْجُؤَارُ فَهُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَوَاوٍ مَهْمُوزَةٍ وَيَجُوزُ تَسْهِيلُهَا، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ يَجْأَرُونَ إِلَى مَا فِي سُورَةِ قَدْ أَفْلَحَ: ﴿بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ﴾ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَيْ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ كَمَا يَجْأَرُ الثَّوْرُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ بِالْجِيمِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِمَعْنًى، إِلَّا أَنَّهُ بِالْخَاءِ لِلْبَقَرِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْحَيَوَانِ، وَبِالْجِيمِ لِلْبَقَرِ وَالنَّاسِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾ وَفِي قِصَّةِ مُوسَى: لَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللَّهِ بِالتَّلْبِيَةِ أَيْ صَوْتٌ عَالٍ، وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقِيلَ أَصْلُهُ فِي الْبَقَرِ وَاسْتُعْمِلَ فِي النَّاسِ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ أَيْضًا إِلَى قِرَاءَةِ الْأَعْمَشِ: عِجْلًا جَسَدًا لَهُ جُؤَارٌ بِالْجِيمِ، وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَنَّ الْإِمَامَ يَخْطُبُ فِي الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ، وَاسْتِعْمَالُ أَمَّا بَعْدُ فِي الْخُطْبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ، وَمَشْرُوعِيَّةُ مُحَاسَبَةِ الْمُؤْتَمَنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي الزَّكَاةِ، وَمَنْعِ الْعُمَّالِ مِنْ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ حُكْمٌ، وَتَقَدَّمَ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي تَرْكِ الْحِيَلِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ، لِمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: لَا تُصِيبَنَّ شَيْئًا بِغَيْرِ إِذْنِي فَإِنَّهُ غُلُولٌ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ: فِيهِ أَنَّهَا إِذَا أُخِذَتْ تُجْعَلُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا يَخْتَصُّ الْعَامل مِنْهَا إِلَّا بِمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ الْإِمَامُ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ أَخَذَ مِنْهُ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ أُهْدِيَ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ، وَلَا سِيَّمَا فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ قَبْلُ، وَلَكِنْ لَمْ أَرَ ذَلِكَ صَرِيحًا.
وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي لَمَّا ذَكَرَ الرِّشْوَةَ: وَعَلَيْهِ رَدُّهَا لِصَاحِبِهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُجْعَلَ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَأْمُرِ ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ بِرَدِّ الْهَدِيَّةِ الَّتِي أُهْدِيَتْ لَهُ لِمَنْ أَهْدَاهَا. وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: يَلْحَقُ بِهَدِيَّةِ الْعَامِلِ الْهَدِيَّةُ لِمَنْ لَهُ دَيْنٌ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُحَاسَبَ بِذَلِكَ مِنْ دَيْنِهِ. وَفِيهِ إِبْطَالُ كُلِّ طَرِيقٍ يَتَوَصَّلُ بِهَا مَنْ يَأْخُذُ الْمَالَ إِلَى مُحَابَاةِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَالِانْفِرَادِ بِالْمَأْخُوذِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: هَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ. جَوَازُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِمَّنْ كَانَ يُهَادِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ، كَذَا قَالَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْعَادَةِ. وَفِيهِ أَنَّ مَنْ رَأَى مُتَأَوِّلًا أَخْطَأَ فِي تَأْوِيلٍ يَضُرُّ مَنْ أَخَذَ بِهِ أَنْ يُشْهِرَ الْقَوْلَ لِلنَّاسِ، وَيُبَيِّنَ خَطَأَهُ لِيَحْذَرَ مِنَ الِاغْتِرَارِ بِهِ. وَفِيهِ جَوَازُ تَوْبِيخِ الْمُخْطِئِ، وَاسْتِعْمَالُ الْمَفْضُولِ فِي الْإِمَارَةِ وَالْإِمَامَةِ وَالْأَمَانَةِ مَعَ وُجُودِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَفِيهِ اسْتِشْهَادُ الرَّاوِي وَالنَّاقِلِ بِقَوْلِ مَنْ يُوَافِقُهُ لِيَكُونَ أَوْقَعَ فِي نَفْسِ السَّامِعِ وَأَبْلَغَ فِي طُمَأْنِينَتِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٢٥ - بَاب اسْتِقْضَاءِ الْمَوَالِي وَاسْتِعْمَالِهِمْ
٧١٧٥ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ﵄ أَخْبَرَهُ قَالَ: كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَؤُمُّ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَأَصْحَابَ النَّبِيِّ ﷺ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَزَيْدٌ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute