انْتَهَى.
وَالتَّنْصِيصُ عَلَى تَقَارُبِهِمْ فِي الْعِلْمِ يَرُدُّ عَلَيْهِ، فَالْجَمْعُ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ أَوْلَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا فَضْلُ الْهِجْرَةِ وَالرِّحْلَةِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَفَضْلِ التَّعْلِيمِ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ ﷺ مِنَ الشَّفَقَةِ وَالِاهْتِمَامِ بِأَحْوَالِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ، وَإِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَقِيَامِ الْحُجَّةِ بِهِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِهِ فِي بَابِ مَنْ قَالَ: يُؤَذِّنُ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ. وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي فِي بَابِ إِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٥٠ - بَاب إِذَا زَارَ الْإِمَامُ قَوْمًا فَأَمَّهُمْ
٦٨٦ - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الْأَنْصارِيَّ قَالَ: اسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ ﷺ فَأَذِنْتُ لَهُ، فَقَالَ: أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟ فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ، فَقَامَ وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا زَارَ الْإِمَامُ قَوْمًا فَأَمَّهُمْ) قِيلَ: أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى أَنَّ حَدِيثَ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مَرْفُوعًا: مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَا يَؤُمَّهُمْ، وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ، مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ عَدَا الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: مُرَادُهُ أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ وَمَنْ يَجْرِي مَجْرَاهُ إِذَا حَضَرَ بِمَكَانٍ مَمْلُوكٍ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ مَالِكُ الدَّارِ أَوِ الْمَنْفَعَةِ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ حَقِّ الْإِمَامِ فِي التَّقَدُّمِ، وَحَقِّ الْمَالِكِ فِي مَنْعِ التَّصَرُّفِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْمُتَقَدِّمِ: وَلَا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي سُلْطَانُهُ، وَلَا يَجْلِسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ؛ فَإِنَّ مَالِكَ الشَّيْءِ سُلْطَانٌ عَلَيْهِ، وَالْإِمَامُ الْأَعْظَمُ سُلْطَانٌ عَلَى الْمَالِكِ، وَقَوْلُهُ: إِلَّا بِإِذْنِهِ يُحْمَلُ عَوْدُهُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ الْإِمَامَةِ وَالْجُلُوسِ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَحْمَدُ كَمَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ، فَتَحَصَّلَ بِالْإِذْنِ مُرَاعَاةُ الْجَانِبَيْنِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ) هُوَ مَرْوَزِيٌّ سَكَنَ الْبَصْرَةَ، وَلَيْسَ هُوَ أَخًا لِمُعَلَّى بْنِ أَسَدٍ أَحَدِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا، كَانَ مُعَاذٌ الْمَذْكُورُ كَاتِبًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَهُوَ شَيْخُهُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ عِتْبَانَ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي فِي الْبُيُوتِ.
٥١ - بَاب إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ
وَصَلَّى النَّبِيُّ ﷺ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ بِالنَّاسِ وَهُوَ جَالِسٌ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا رَفَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ يَعُودُ فَيَمْكُثُ بِقَدْرِ مَا رَفَعَ، ثُمَّ يَتْبَعُ الْإِمَامَ، وَقَالَ الْحَسَنُ فِيمَنْ يَرْكَعُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ: يَسْجُدُ لِلرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَقْضِي الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِسُجُودِهَا، وَفِيمَنْ نَسِيَ سَجْدَةً حَتَّى قَامَ: يَسْجُدُ.
٦٨٧ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: أَلَا تُحَدِّثِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَتْ: بَلَى، ثَقُلَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، قَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute