للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَزَادَ: وَيُكَبِّرُ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهَا تُقْضَى كَهَيْئَتِهَا لَا أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ مُطْلَقُ نَفْلٍ. وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْعِيدَيْنِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: وَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَقَوْلُهُ: فَزَجَرَهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ : دَعْهُمْ، كَذَا فِي الْأُصُولِ بِحَذْفِ فَاعِلِ زَجَرَهُمْ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ: فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ كَذَا هُنَا، وَسَيَأْتِي بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي أَوَائِلِ الْمَنَاقِبِ بِحَذْفِهِ أَيْضًا لِلْجَمِيعِ، وَضَبَّبَ النَّسَفِيُّ بَيْنَ زَجَرَهُمْ وَبَيْنَ فَقَالَ إِشَارَةً إِلَى الْحَذْفِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِلَفْظِ عُمَرَ فِي طُرُقٍ أُخْرَى كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْعِيدَيْنِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: أَمْنًا بِسُكُونِ الْمِيمِ (يَعْنِي مِنَ الْأَمْنِ) يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى اتْرُكْهُمْ مِنْ جِهَةِ أَنَّا آمِنَّاهُمْ أَمْنًا، أَوْ أَرَادَ أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْأَمْنِ لَا مِنَ الْأَمَانِ الَّذِي لِلْكُفَّارِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٢٦ - بَاب الصَّلَاةِ قَبْلَ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا

وَقَالَ أَبُو الْمُعَلَّى: سَمِعْتُ سَعِيدًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَرِهَ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْعِيدِ

٩٨٩ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا وَمَعَهُ بِلَالٌ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا) أَوْرَدَ فِيهِ أَثَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْعِيدِ وَحَدِيثُهُ الْمَرْفُوعُ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا وَلَمْ يَجْزِمْ بِحُكْمِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَثَرَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَنْعُ التَّنَفُّلِ أَوْ نَفْيُ الرَّاتِبَةِ، وَعَلَى الْمَنْعِ فَهَلْ هُوَ لِكَوْنِهِ وَقْتَ كَرَاهَةٍ أَوْ لِأَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ. وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقَبْلِ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُوَاظَبَةِ فَيُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُهُ بِالْإِمَامِ دُونَ الْمَأْمُومِ أَوْ بِالْمُصَلَّى دُونَ الْبَيْتِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، فَذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: الْكُوفِيُّونَ يُصَلُّونَ بَعْدَهَا لَا قَبْلهَا، وَالْبَصْرِيُّونَ يُصَلُّونَ قَبْلَهَا لَا بَعْدَهَا، وَالْمَدَنِيُّونَ لَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا. وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَنَفِيَّةُ، وَبِالثَّانِي قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ، وَبِالثَّالِثِ قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَأَحْمَدُ. وَأَمَّا مَالِكٌ فَمَنَعَهُ فِي الْمُصَلَّى، وَعَنْهُ فِي الْمَسْجِدِ رِوَايَتَانِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ - وَنَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ فِي الْمَعْرِفَةِ بَعْدَ أَنْ رَوَى حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثَ الْبَابِ - مَا نَصُّهُ: وَهَكَذَا يَحبُ لِلْإِمَامِ أَنْ لَا يَتَنَفَّلَ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَمُخَالِفٌ لَهُ فِي ذَلِكَ. ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ.

وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ التَّنَفُّلُ قَبْلَ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا، وَقَيَّدَهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ بِالْمُصَلَّى، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الصَّيْمَرِيُّ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِالنَّافِلَةِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا مُطْلَقًا إِلَّا لِلْإِمَامِ فِي مَوْضِعِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، فَقَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ لَا كَرَاهَةَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، فَإِنَّ حَمْلَ كَلَامِهِ عَلَى الْمَأْمُومِ وَإِلَّا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ، وَيُؤَيِّدُ مَا فِي الْبُوَيْطِيِّ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ لَا يُصَلِّي قَبْلَ الْعِيدِ شَيْئًا، فَإِذَا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَقَدْ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَبِهَذَا قَالَ إِسْحَاقُ، وَنَقَلَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَتَنَفَّلُ فِي الْمُصَلَّى، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: التَّنَفُّلُ فِي الْمُصَلَّى لَوْ فُعِلَ لَنُقِلَ، وَمَنْ أَجَازَهُ رَأَى أَنَّهُ وَقْتٌ مُطْلَقٌ لِلصَّلَاةِ، وَمَنْ تَرَكَهُ رَأَى أَنَّ النَّبِيَّ لَمْ يَفْعَلْهُ، وَمَنِ اقْتَدَى فَقَدِ اهْتَدَى انْتَهَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا سُنَّةٌ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا خِلَافًا لِمَنْ قَاسَهَا عَلَى الْجُمُعَةِ، وَأَمَّا مُطْلَقُ النَّفْلِ فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ مَنْعٌ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ إِلَّا إِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ الَّذِي فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو الْمُعَلَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ اسْمُهُ يَحْيَى بْنُ مَيْمُونٍ الْعَطَّارُ الْكُوفِيُّ،