قَوْلُهُ: (بَابُ طُولِ السُّجُودِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ، وَفِيهِ: كَانَ يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى مَا تَرْجَمَ لَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِهَا فِي أَبْوَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ، أَنَّهُ ﷺ كَانَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ فِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ. رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
قَوْلُهُ: (وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ ثُمَّ يَضْطَجِعُ) سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي آخِرِ أَبْوَابِ التَّهَجُّدِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٤ - بَاب تَرْكِ الْقِيَامِ لِلْمَرِيضِ
١١٢٤ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدَبًا يَقُولُ: اشْتَكَى النَّبِيُّ ﷺ فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ.
[الحديث ١١٢٤ - أطرافه في: ١١٢٥، ٤٩٥٠، ٤٩٥١، ٤٩٨٣]
١١٢٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵁، قَالَ: احْتَبَسَ جِبْرِيلُ ﷺ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَبْطَأَ عَلَيْهِ شَيْطَانُهُ، فَنَزَلَتْ ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾.
قَوْلُهُ: (بَابُ تَرْكِ الْقِيَامِ) أَيْ: قِيَامُ الْمَرِيضِ.
قَوْلُهُ: (عَنِ الْأَسْوَدِ) هُوَ ابْنُ قَيْسٍ، وَجُنْدُبٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجْلِيُّ، كَمَا فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ فِيهِمَا، وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ. وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ الْأَسْوَدِ لَهُ مِنْ جُنْدُبٍ فِي طَرِيقِ زُهَيْرٍ عَنْهُ فِي التَّفْسِيرِ.
قَوْلُهُ: (اشْتَكَى النَّبِيُّ ﷺ أَيْ: مَرِضَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ الَّتِي سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا بِلَفْظِ: مَرِضَ، وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى تَفْسِيرِ هَذِهِ الشِّكَايَةِ، لَكِنْ وَقَعَ فِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ جُنْدُبٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي غَارٍ، فَدَمِيَتْ إِصْبَعُهُ، فَقَالَ: هَلْ أَنْتَ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتَ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتَ. قَالَ: وَأَبْطَأَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: قَدْ وُدِّعَ مُحَمَّدٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ﴾ انْتَهَى، فَظَنَّ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ هَذَا بَيَانٌ لِلشِّكَايَةِ الْمُجْمَلَةِ فِي الصَّحِيحِ، وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ، فَإِنَّ فِي طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ الَّتِي يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا أَنَّ نُزُولَ هَذِهِ السُّورَةِ كَانَ فِي أَوَائِلِ الْبَعْثَةِ، وَجُنْدُبٌ لَمْ يَصْحَبِ النَّبِيَّ ﷺ إِلَّا مُتَأَخِّرًا، كَمَا حَكَاهُ الْبَغَوِيُّ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فَعَلَى هَذَا هُمَا قَضِيَّتَانِ حَكَاهُمَا جُنْدُبٌ؛ إِحْدَاهُمَا مُرْسَلَةٌ، وَالْأُخْرَى مَوْصُولَةٌ؛ لِأَنَّ الْأُولَى لَمْ يَحْضُرْهَا فَرِوَايَتُهُ لَهَا مُرْسَلَةٌ مِنْ مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ، وَالثَّانِيَةُ شَهِدَهَا كَمَا ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَطْفِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ اتِّحَادُهُمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ) هَكَذَا اخْتَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَدْ سَاقَهُ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ تَامًّا.
أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ شَيْخِهِ فِيهِ هُنَا بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ، فَزَادَ: فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ، مَا أَرَى شَيْطَانَكَ إِلَّا قَدْ تَرَكَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَالضُّحَى﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَمَا قَلَى﴾ ثُمَّ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ بِلَفْظٍ آخَرَ، وَهُوَ: احْتَبَسَ جِبْرِيلُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ الْحَدِيثَ. وَقَدْ وَافَقَ