للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذَلِكَ فِي نِسَاءِ الْأَنْصَارِ كَمَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (مُرُوطَهُنَّ) جَمْعُ مِرْطٍ وَهُوَ الْإِزَارُ، وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: أُزُرَهُنَّ، وَزَادَ: شَقَقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِي.

قَوْلُهُ: (فَاخْتَمَرْنَ) أَيْ غَطَّيْنَ وُجُوهَهُنَّ ; وَصِفَةُ ذَلِكَ أَنْ تَضَعَ الْخِمَارَ عَلَى رَأْسِهَا وَتَرْمِيَهُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ عَلَى الْعَاتِقِ الْأَيْسَرِ وَهُوَ التَّقَنُّعُ، قَالَ الْفَرَّاءُ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُسْدِلُ الْمَرْأَةُ خِمَارَهَا مِنْ وَرَائِهَا وَتَكْشِفُ مَا قُدَّامَهَا، فَأُمِرْنَ بِالِاسْتِتَارِ، وَالْخِمَارُ لِلْمَرْأَةِ كَالْعِمَامَةِ لِلرَّجُلِ.

٤٧٥٩ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ فَشَقَّقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بِهَا.

قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: (عَنِ الْحَسَنِ) هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ.

قَوْلُهُ: (لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ أَخَذْنَ أُزُرَهُنَّ) هَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ الْفَاعِلُ ضَمِيرًا، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ بِلَفْظِ: أَخَذَ النِّسَاءُ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ بِلَفْظِ: أَخَذَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ، وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ صَفِيَّةَ مَا يُوَضِّحُ ذَلِكَ، وَلَفْظُهُ: ذَكَرْنَا عِنْدَ عَائِشَةَ نِسَاءَ قُرَيْشٍ وَفَضْلَهُنَّ، فَقَالَتْ: إِنَّ نِسَاءَ قُرَيْشٍ لَفُضَلَاءُ، وَلَكِنِّي وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ: أَشَدَّ تَصْدِيقًا بِكِتَابِ اللَّهِ وَلَا إِيمَانًا بِالتَّنْزِيلِ، لَقَدْ أُنْزِلَتْ سُورَةُ النُّورِ: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ فَانْقَلَبَ رِجَالُهُنَّ إِلَيْهِنَّ يَتْلُونَ عَلَيْهِنَّ مَا أُنْزِلَ فِيهَا، مَا مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا قَامَتْ إِلَى مِرْطِهَا فَأَصْبَحْنَ يُصَلِّينَ الصُّبْحَ مُعْتَجِرَاتٍ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ. وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ بَادَرْنَ إِلَى ذَلِكَ.

٢٥ - سُورَةُ الْفُرْقَانِ

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ مَا تَسْفِي بِهِ الرِّيحُ، ﴿مَدَّ الظِّلَّ﴾ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، ﴿سَاكِنًا﴾ دَائِمًا، ﴿عَلَيْهِ دَلِيلا﴾ طُلُوعُ الشَّمْسِ، ﴿خِلْفَةً﴾ مَنْ فَاتَهُ مِنْ اللَّيْلِ عَمَلٌ أَدْرَكَهُ بِالنَّهَارِ، أَوْ فَاتَهُ بِالنَّهَارِ أَدْرَكَهُ بِاللَّيْلِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: ﴿هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَمَا شَيْءٌ أَقَرَّ لِعَيْنِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَرَى حَبِيبَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثُبُورًا: وَيْلًا، وَقَالَ غَيْرُهُ: السَّعِيرُ مُذَكَّرٌ، وَالتَّسَعُّرُ وَالْاضْطِرَامُ: التَّوَقُّدُ الشَّدِيدُ، ﴿تُمْلَى عَلَيْهِ﴾ تُقْرَأُ عَلَيْهِ، مِنْ أَمْلَيْتُ وَأَمْلَلْتُ، الرَّسُّ: الْمَعْدِنُ، جَمْعُهُ رِسَاسٌ، ﴿مَا يَعْبَأُ﴾ يُقَالُ: مَا عَبَأْتُ بِهِ شَيْئًا: لَا يُعْتَدُّ بِهِ، ﴿غَرَامًا﴾ هَلَاكًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَعَتَوْا: طَغَوْا. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ﴿عَاتِيَةٍ﴾ عَتَتْ على الْخَزَّانِ.

قَوْلُهُ: (سُورَةُ الْفُرْقَانِ - بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَبَاءً مَنْثُورًا مَا يسْفِي بِهِ الرِّيحُ) وَصَلَهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ: وَيَبُثُّهُ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ (١)، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿هَبَاءً مَنْثُورًا﴾: هُوَ الَّذِي يَدْخُلُ الْبَيْتَ مِنَ الْكُوَّةِ، يَدْخُلُ مِثْلَ الْغُبَارِ مَعَ الشَّمْسِ، وَلَيْسَ لَهُ مَسٌّ وَلَا يُرَى فِي الظِّلِّ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ نَحْوَهُ وَزَادَ: لَوْ ذَهَبَ أَحَدُكُمْ يَقْبِضُ عَلَيْهِ لَمْ يَسْتَطِعْ، وَمِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ: هَبَاءً مَنْثُورًا، قَالَ: مَا يُنْثَرُ مِنَ الْكُوَّةِ.

قَوْلُهُ: (دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ


(١) بياض يالأصل.