(قَوْلُهُ بَابُ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى)
حَيْثُ الْوَتَرُ مِنَ الْقَوْسِ تَقَدَّمَ هَذَا التَّفْسِيرُ قَرِيبًا عَنْ مُجَاهِدٍ وَثَبَتَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لِأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَهِيَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَيْضًا وَالْقَابُ مَا بَيْنَ الْقَبْضَةِ وَالسِّيَةِ مِنَ الْقَوْسِ قَالَ الْوَاحِدِيُّ هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ الْمُرَادَ الْقَوْسُ الَّتِي يُرْمَى بِهَا قَالَ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهَا الذِّرَاعُ لِأَنَّهُ يُقَاسُ بِهَا الشَّيْءُ قُلْتُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرَّاجِحُ فقد أخرج بن مرْدَوَيْه بِإِسْنَاد صَحِيح عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ الْقَابُ الْقَدْرُ وَالْقَوْسَيْنِ الذِّرَاعَانِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْقَوْسُ الَّتِي يُرْمَى بِهَا لَمْ يُمَثَّلْ بِذَلِكَ لِيُحْتَاجَ إِلَى التَّثْنِيَةِ فَكَانَ يُقَالُ مَثَلًا قَابَ رُمْحٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ عَلَى الْقَلْبِ وَالْمُرَادُ فَكَانَ قَابَيْ قَوْسٍ لِأَنَّ الْقَابَ مَا بَيْنَ الْمِقْبَضِ إِلَى السِّيَةِ فَلِكُلِّ قَوْسٍ قَابَانِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى خَالِفَتِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ أَدْنَى أَيْ أَقْرَبَ قَالَ الزَّجَّاجُ خَاطَبَ اللَّهُ الْعَرَبَ بِمَا أَلِفُوا وَالْمَعْنَى فِيمَا تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَاللَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِالْأَشْيَاءِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ لَا تَرَدُّدَ عِنْدَهُ وَقِيلَ أَوْ بِمَعْنَى بَلْ وَالتَّقْرِيرُ بَلْ هُوَ أَقْرَبُ مِنَ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ فَتَدَلَّى فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
[٤٨٥٦] قَوْله حَدثنَا عبد الْوَاحِد هُوَ بن زِيَاد وَسليمَان هُوَ الشَّيْبَانِيّ وزر هُوَ بن حُبَيْشٍ قَوْلُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أوحى قَالَ حَدثنَا بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ هَكَذَا أَوْرَدَهُ وَالْمُرَادُ بقوله عَن عبد الله وَهُوَ بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مَا سأذكره ثمَّ اسْتَأْنف فَقَالَ حَدثنَا بن مَسْعُود وَلَيْسَ المُرَاد أَن بن مَسْعُودٍ حَدَّثَ عَبْدَ اللَّهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاق بل عبد الله هُوَ بن مَسْعُودٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ فَقَالَ سَأَلْتُ زِرًّا عَنْ قَوْلِهِ فَذَكَرَهُ وَلَا إِشْكَالَ فِي سِيَاقِهِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقٍ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْهَاشِمِيِّ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى فَقَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذكره
(قَوْلُهُ بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)
ثَبَتَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لِأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَهِيَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَيْضًا وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيث بن مَسْعُودٍ الْمَذْكُورَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ
[٤٨٥٧] قَوْلُهُ أَنَّهُ مُحَمَّدٌ الضَّمِيرُ لِلْعَبْدِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِلَى عَبْدِهِ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى جِبْرِيلَ وَهَذَا أَوْضَحُ فِي الْمُرَادِ وَالْحَاصِل أَن بن مَسْعُودٍ كَانَ يَذْهَبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.patreon.com/shamela4