تُزْرَعُ مَثَلًا إِذَا جَعَلَ أَصْحَابُهَا فِيهَا طَرِيقًا كَانَ بِاخْتِيَارِهِمْ، وَكَذَلِكَ الطَّرِيقُ الَّتِي لَا تُسْلَكُ إِلَّا فِي النَّادِرِ يُرْجَعُ فِي أَفْنِيَتِهَا إِلَى مَا يَتَرَاضَى عَلَيْهِ الْجِيرَانُ.
قَوْلُهُ: (عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ مُثَنَّاةٌ، بَصْرِيٌّ مَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثَيْنِ فِي التَّفْسِيرِ وَآخَرَ فِي الدَّعَوَاتِ، وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ عَدِيٍّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي أَفْرَادِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ رَاوِيهِ عَنِ الزُّبَيْرِ هَذَا، فَهُوَ مِنْ غَرَائِبِ الصَّحِيحِ، وَلَكِنَّ شَاهِدَهُ فِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ.
قَوْلُهُ: (إِذَا تَشَاجَرُوا) تَفَاعَلُوا، مِنَ الْمُشَاجَرَةِ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْجِيمِ؛ أَيْ تَنَازَعُوا. وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ: إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الطَّرِيقِ. وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ بَشِيرِ بْنِ كَعْبٍ - وَهُوَ بِالتَّصْغِيرِ وَالْمُعْجَمَةِ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاجْعَلُوهُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ. وَمِثْلُهُ لِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَوْلُهُ: (فِي الطَّرِيقِ) زَادَ الْمُسْتَمْلِي فِي رِوَايَتِهِ: الْمِيتَاءَ، وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ، وَلَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي التَّرْجَمَةِ مُشِيرًا بِهَا إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ كَعَادَتِهِ، وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي الطَّرِيقِ الْمِيتَاءِ فَاجْعَلُوهَا سَبْعَةَ أَذْرُعٍ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الطَّرِيقِ الْمِيتَاءِ فَذَكَرَهُ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ طَوِيلٍ، وَلِابْنِ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: قَضَى رَسُولُ اللَّه ﷺ فِي الطَّرِيقِ الْمِيتَاءِ الَّتِي تُؤْتَى مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَذَكَرَهُ، وَفِي كُلٍّ مِنَ الْأَسَانِيدِ الثَّلَاثَةِ مَقَالٌ.
قَوْلُهُ: (بِسَبْعَةِ أَذْرُعٍ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّرَاعِ ذِرَاعُ الْآدَمِيِّ، فَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِالْمُعْتَدِلِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالذِّرَاعِ ذِرَاعُ الْبُنْيَانِ الْمُتَعَارَفِ، قَالَ الطَّبَرِيُّ: مَعْنَاهُ أَنْ يُجْعَلَ قَدْرُ الطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكَةِ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ، ثُمَّ يَبْقَى بَعْدَ ذَلِكَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ فِي الْأَرْضِ قَدْرُ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يَضُرُّ غَيْرَهُ، وَالْحِكْمَةُ فِي جَعْلِهَا سَبْعَةَ أَذْرُعٍ لِتَسْلُكَهَا الْأَحْمَالُ وَالْأَثْقَالُ دُخُولًا وَخُرُوجًا وَيَسَعَ مَا لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ طَرْحِهِ عِنْدَ الْأَبْوَابِ. وَيَلْتَحِقُ بِأَهْلِ الْبُنْيَانِ مَنْ قَعَدَ لِلْبَيْعِ فِي حَافَّةِ الطَّرِيقِ، فَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ أَزْيَدَ مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ لَمْ يُمْنَعْ مِنَ الْقُعُودِ فِي الزَّائِدِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مُنِعَ لِئَلَّا يُضَيِّقَ الطَّرِيقَ عَلَى غَيْرِهِ.
٣٠ - بَاب النُّهْبَى بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ
وقَالَ عُبَادَةُ: بَايَعْنَا النَّبِيَّ ﷺ أَنْ لَا نَنْتَهِبَ
٢٤٧٤ - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّ - وَهُوَ جَدُّهُ أَبُو أُمِّهِ - قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ النُّهْبَى وَالْمُثْلَةِ.
[الحديث ٢٤٧٤ - طرفه في: ٥٥١٦]
٢٤٧٥ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ. وَعَنْ سَعِيدٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ. . . مِثْلَهُ، إِلَّا النُّهْبَةَ.