﵄ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ، فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾. رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: لَمَّا نَزَلَتْ قَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَجِدُ زَادًا. فَقَالَ: تَزَوَّدْ مَا تَكُفُّ بِهِ وَجْهَكَ عَنِ النَّاسِ، وَخَيْرُ مَا تَزَوَّدْتُمُ التَّقْوَى. أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ الْبَلْخِيُّ، وَلَمْ يُخَرِّجْ لِلْجَرِيرِيِّ الَّذِي أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ، وَجَعَلَهُمَا ابْنُ طَاهِرٍ وَأَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ رَجُلًا وَاحِدًا، وَالصَّوَابُ التَّفْرِقَةُ.
قَوْلُهُ: (كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ) زَادَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَقُولُونَ: نَحُجُّ بَيْتَ اللَّهِ، أَفَلَا يُطْعِمُنَا.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: مَكَّةَ، وَهُوَ أَصْوَبُ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْرَمِيِّ، عَنْ شَبَابَةَ.
قَوْلُهُ: (رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو) يَعْنِي ابْنَ دِينَارٍ (عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا) يَعْنِي لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، الْمُقْرِي؛ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ مُرْسَلًا. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ وَرْقَاءَ. قُلْتُ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ عَنْهُ مَوْصُولًا بِذِكْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ، لَكِنْ حَكَى الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنِ ابْنِ صَاعِدٍ أَنَّ سَعِيدًا حَدَّثَهُمْ بِهِ فِي كِتَابِ الْمَنَاسِكِ مَوْصُولًا قَالَ: وَحَدَّثَنَا بِهِ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، فَلَمْ يُجَاوِزْ بِهِ عِكْرِمَةَ، انْتَهَى.
وَالْمَحْفُوظُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ لَيْسَ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، لَكِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ شَبَابَةُ بِوَصْلِهِ؛ فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِ الْفُرَاتِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ وَرْقَاءَ مَوْصُولًا، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا سَبَقَ. قَالَ الْمُهَلَّبُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ تَرْكَ السُّؤَالِ مِنَ التَّقْوَى، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ اللَّهَ مَدَحَ مَنْ لَمْ يَسْأَلِ النَّاسَ إِلْحَافًا، فَإِنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ أَيْ تَزَوَّدُوا وَاتَّقُوا أَذَى النَّاسِ بِسُؤَالِكُمْ إِيَّاهُمْ وَالْإِثْمَ فِي ذَلِكَ، قَالَ: وَفِيهِ أَنَّ التَّوَكُّلَ لَا يَكُونُ مَعَ السُّؤَالِ، وَإِنَّمَا التَّوَكُّلُ الْمَحْمُودُ أَنْ لَا يَسْتَعِينَ بِأَحَدٍ فِي شَيْءٍ، وَقِيلَ: هُوَ قَطْعُ النَّظَرِ عَنِ الْأَسْبَابِ بَعْدَ تَهْيِئَةِ الْأَسْبَابِ كَمَا قَالَ ﵇: اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ.
٧ - بَاب مُهَلِّ أَهْلِ مَكَّةَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ
١٥٢٤ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ؛ هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مُهَلُّ أَهْلِ مَكَّةَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) الْمُهَلُّ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ مَوْضِعُ الْإِهْلَالِ، وَأَصْلُهُ رَفْعُ الصَّوْتِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى نَفْسِ الْإِحْرَامِ اتِّسَاعًا. قَالَ ابْنُ