للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابْنِ الصَّلَاحِ فِي ذَلِكَ وَأَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ، إِلَّا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنَ التَّعْبِيرِ بِأَنَّ مَا إِذَا أَضَافَ إِلَيْهَا قِصَّةَ مَا أَدْرَكَهَا الرَّاوِي، وَأَمَّا جَزْمُهُ بِكَوْنِ السَّنَدِ الثَّانِي مُعَلَّقًا فَهُوَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَإِلَّا فَحَمْلُهُ عَلَى مَا قَبْلِهِ مُمْكِنٌ، وَقَدْ رَوَيْنَاهَا فِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. فَذَكَرَ مِثْلَ سِيَاقِهَا سَوَاءً، فَعَلَى هَذَا فَلَا ضَعْفَ فِيهِ أَصْلًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فَوَائِدُ الْمَتْنِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ.

٣٠ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾

٣٩٥ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ، عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ للعُمْرَةَ وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيَأْتِي امْرَأَتَهُ؟ فَقَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.

[الحديث ٣٩٥ - أطرافه في: ١٧٩٣، ١٦٤٧، ١٦٤٥، ١٦٢٧، ١٦٢٣]

٣٩٦ - وَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: لَا يَقْرَبَنَّهَا حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

[الحديث ٣٩٦ - أطرافه في: ١٧٩٤، ١٦٤٦، ١٦٢٤]

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ وَقَعَ فِي رِوَايَتِنَا: وَاتَّخِذُوا بِكَسْرِ الْخَاءِ عَلَى الْأَمْرِ وَهِيَ إِحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى بِالْفَتْحِ عَلَى الْخَبَرِ، وَالْأَمْرُ دَالٌّ عَلَى الْوُجُوبِ، لَكِنِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ إِلَى جَمِيعِ جِهَاتِ الْكَعْبَةِ فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ التَّخْصِيصِ، وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ الْحَجَرُ الَّذِي فِيهِ أَثَرُ قَدَمَيْهِ وَهُوَ مَوْجُودٌ إِلَى الْآنِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمُرَادُ بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ الْحَرَمُ كُلُّهُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَقَدْ ثَبَتَ دَلِيلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَسَيَأْتِي عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: ﴿مُصَلًّى﴾ أَيْ قِبْلَةً قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَبِهِ يَتِمُّ الِاسْتِدْلَالُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَيْ مُدَّعًى يُدْعَى عِنْدَهُ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَلَّى فِيهِ بَلْ عِنْدَهُ، وَيَتَرَجَّحُ قَوْلُ الْحَسَنِ بِأَنَّهُ جَارٍ عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى عَدَمِ التَّخْصِيصِ أَيْضًا بِصَلَاتِهِ دَاخِلَ الْكَعْبَةِ، فَلَوْ تَعَيَّنَ اسْتِقْبَالُ الْمَقَامِ لَمَا صَحَّتْ هُنَاكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِهِ، وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ بِلَالٍ فِي هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ رَوَى الْأَزْرَقِيُّ فِي أَخْبَارِ مَكَّةَ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ أَنَّ الْمَقَامَ كَانَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ الْآنَ، حَتَّى جَاءَ سَيْلٌ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ فَاحْتَمَلَهُ حَتَّى وُجِدَ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ، فَأُتِيَ بِهِ فَرُبِطَ إِلَى أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ حَتَّى قَدِمَ عُمَرُ فَاسْتَثْبَتَ فِي أَمْرِهِ حَتَّى تَحَقَّقَ مَوْضِعَهُ الْأَوَّلَ فَأَعَادَهُ إِلَيْهِ وَبَنَى حَوْلَهُ فَاسْتَقَرَّ ثَمَّ إِلَى الْآنَ.

قَوْلُهُ: (طَافَ بِالْبَيْتِ لِلْعُمْرَةِ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِلْمُسْتَمْلِي، وَالْحَمَوِيِّ طَافَ بِالْبَيْتِ لِعُمْرَةٍ بِحَذْفِ اللَّامِ مِنْ قَوْلِهِ: لِلْعُمْرَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهَا لِيَصِحَّ الْكَلَامُ.

قَوْلُهُ: (أَيَأْتِي امْرَأَتَهُ) أَيْ هَلْ حَلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ الْجِمَاعُ وَغَيْرُهُ مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ؟ وَخَصَّ إِتْيَانَ الْمَرْأَةِ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ الْمُحَرَّمَاتِ فِي الْإِحْرَامِ، وَأَجَابَهُمُ ابْنُ عُمَرَ بِالْإِشَارَةِ إِلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ النَّبِيِّ لَا سِيَّمَا فِي أَمْرِ الْمَنَاسِكِ، لِقَوْلِهِ : خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ، وَأَجَابَهُمْ جَابِرٌ بِصَرِيحِ النَّهْيِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ، وَخَالَفَ فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَأَجَازَ لِلْمُعْتَمِرِ التَّحَلُّلَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ السَّعْيِ، وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهَ تَعَالَى.

وَالْمُنَاسِبُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ: وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ