للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَقْوَى رِوَايَةُ الْقَافِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ وَإِذَا شِيتَ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقَانِيَّةٍ بَدَلَ الْكَافِ وَهُوَ تَغْيِيرٌ فَاحِشٌ، وَفِي الدُّعَاءِ بِذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى عَكْسِ مَقْصُودِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ عَثَرَ فَدَخَلَتْ فِي رِجْلِهِ الشَّوْكَةُ فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْرِجُهَا يَصِيرُ عَاجِزًا عَنِ الْحَرَكَةِ وَالسَّعْيِ فِي تَحْصِيلِ الدُّنْيَا. وَفِي قَوْلِهِ: طُوبَى لِعَبْدٍ إِلَخْ إِشَارَةٌ إِلَى الْحَضِّ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

قَوْلُهُ: (أَشْعَثَ) صِفَةٌ لِعَبْدٍ وَهُوَ مَجْرُورٌ بِالْفَتْحَةِ لِعَدَمِ الصَّرْفِ وَرَأْسُهُ بِالرَّفْعِ الْفَاعِلُ، قَالَ الطِّيبِي: أَشْعَثَ رَأْسُهُ مُغْبَرَّةٌ قَدَّمَاهُ حَالَانِ مِنْ قَوْلِهِ: لَعَبْدٌ لِأَنَّهُ مَوْصُوفٌ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: يَجُوزُ الرَّفْعُ وَلَمْ يُوَجِّهْهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَيَجُوزُ فِي أَشْعَثَ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ رَأْسٍ، أَيْ رَأْسُهُ أَشْعَثُ، وَكَذَا قَوْلُهُ: مُغْبَرَّةٌ قَدَمَاهُ.

قَوْلُهُ: (إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ) هَذَا مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي اتَّحَدَ فِيهَا الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ لَفْظًا لَكِنَّ الْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ، وَالتَّقْدِيرُ إِنْ كَانَ الْمُهِمُّ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِيهَا، وَقِيلَ: مَعْنَى فَهُوَ فِي الْحِرَاسَةِ أَيْ فَهُوَ فِي ثَوَابِ الْحِرَاسَةِ، وَقِيلَ: هُوَ لِلتَّعْظِيمِ أَيْ إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ فَهُوَ فِي أَمْرٍ عَظِيمٍ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ: لَازِمُهُ أَيْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِلَوَازِمِهِ وَيَكُونَ مُشْتَغِلًا بِخُوَيْصَّةِ عَمَلِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: الْمَعْنَى أَنَّهُ خَامِلُ الذِّكْرِ لَا يَقْصِدُ السُّمُوَّ، فَإِنِ أنفق لَهُ السَّيْرُ سَارَ ; فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ اسْتَمَرَّ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ اسْتَمَرَّ فِيهَا.

قَوْلُهُ: (إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ) فِيهِ تَرْكُ حُبِّ الرِّيَاسَةِ وَالشُّهْرَةِ وَفَضْلُ الْخُمُولِ وَالتَّوَاضُعِ، وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (فَتَعْسًا، كَأَنَّهُ يَقُولُ فَأَتْعَسَهُمُ اللَّهُ) وَقَعَ هَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، وَهِيَ عَلَى عَادَةِ الْبُخَارِيِّ فِي شَرْحِ اللَّفْظَةِ الَّتِي تُوَافِقُ مَا فِي الْقُرْآنِ بِتَفْسِيرِهَا، وَهَكَذَا قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ﴾

قَوْلُهُ: (طُوبَى فُعْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ طَيِّبٍ، وَهِيَ يَاءٌ حُوِّلَتْ إِلَى الْوَاوِ وَهُوَ مِنْ يَطِيبُ) كَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي أَيْضًا وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمُرَادُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْجَنَّةِ، لِأَنَّ طُوبَى أَشْهَرُ شَجَرِهَا وَأَطْيَبُهُ، فَدَعَا لَهُ أَنْ يَنَالَهَا، وَدُخُولُ الْجَنَّةِ مَلْزُومُ نَيْلِهَا.

(تَكْمِيلٌ):

وَرَدَ فِي فَضْلِ الْحِرَاسَةِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، مِنْهَا حَدِيثُ عُثْمَانَ مَرْفُوعًا: حَرْسُ لَيْلَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ لَيْلَةٍ يُقَامُ لَيْلُهَا وَيُصَامُ نَهَارُهَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، وَحَدِيثُ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا: مَنْ حَرَسَ وَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ مُتَطَوِّعًا لَمْ يَرَ النَّارَ بِعَيْنِهِ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَحَدِيثُ أَبِي رَيْحَانَةَ مَرْفُوعًا: حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَنَحْوُهُ لِلتِّرْمِذِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ، وَلِأَبِي يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَإِسْنَادُهَا حَسَنٌ، وَلِلْحَاكِمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ.

٧١ - بَاب فَضْلِ الْخِدْمَةِ فِي الْغَزْوِ

٢٨٨٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ Object قَالَ: صَحِبْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَكَانَ يَخْدُمُنِي وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنَسٍ. قَالَ جَرِيرٌ: إِنِّي رَأَيْتُ الْأَنْصَارَ يَصْنَعُونَ شَيْئًا لَا أَجِدُ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا أَكْرَمْتُهُ.

٢٨٨٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ Object يَقُولُ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ Object إِلَى خَيْبَرَ