وَضَحِكَ فِي وَجْهِي، فَلَحِقَنِي أَبُو بَكْرٍ فَسَأَلَنِي فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: أَبْشِرْ. ثُمَّ لَحِقَنِي عُمَرُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سُورَةَ الْمُنَافِقِينَ.
قَوْلُهُ: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ﴾ زَادَ آدَمُ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ﴾ وَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّ رِوَايَةَ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ مُخْتَصَرَةٌ حَيْثُ اقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى قَوْلِهِ: وَنَزَلَ: ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا﴾ الْآيَةَ لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِهِ: فَنَزَلَتْ: ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا﴾ حَتَّى بَلَغَ: ﴿لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ﴾.
قَوْلُهُ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ يَا زَيْدُ) وَفِي مُرْسَلِ الْحَسَنِ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِأُذُنِ الْغُلَامِ فَقَالَ: وَفَتْ أُذُنُكَ يَا غُلَامُ مَرَّتَيْنِ. زَادَ زُهَيْرٌ فِي رِوَايَتِهِ: فَدَعَاهُمُ النَّبِيُّ ﷺ لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ. وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ تَرْكُ مُؤَاخَذَةِ كُبَرَاءِ الْقَوْمِ بِالْهَفَوَاتِ لِئَلَّا يَنْفِرَ أَتْبَاعُهُمْ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مُعَاتَبَاتِهِمْ وَقَبُولِ أَعْذَارِهِمْ وَتَصْدِيقِ أَيْمَانِهِمْ وَإِنْ كَانَتِ الْقَرَائِنُ تُرْشِدُ إِلَى خِلَافِ ذَلِكَ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّأْنِيسِ وَالتَّأْلِيفِ. وَفِيهِ جَوَازُ تَبْلِيغِ مَا لَا يَجُوزُ لِلْمَقُولِ فِيهِ، وَلَا يُعَدُّ نَمِيمَةً مَذْمُومَةً إِلَّا إِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ الْإِفْسَادَ الْمُطْلَقَ، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ تُرَجَّحُ عَلَى الْمَفْسَدَةِ فَلَا.
٢ - بَاب ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾ يَجْتَنُّونَ بِهَا
٤٩٠١ - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ﵁ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَمِّي، فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ بْنَ سَلُولَ يَقُولُ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا. وَقَالَ أَيْضًا: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي، فَذَكَرَ عَمِّي لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، فَصَدَّقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَكَذَّبَنِي، فَأَصَابَنِي هَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ، فَجَلَسْتُ فِي بَيْتِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ﴾ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَرَأَهَا عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِهِ: ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾ يَجْتَنُّونَ بِهَا) قَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنِي شَبَابَةُ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾ قَالَ: يَجْتَنُّونَ أَنْفُسَهُمْ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ بِاللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.
ثم ساق حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الَّذِي قَبْلَهُ مُسْتَوْفًى.
٣ - بَاب قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ﴾
٤٩٠٢ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ ﵁ قَالَ: لَمَّا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: ﴿لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ وَقَالَ أَيْضًا: ﴿لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ﴾ أَخْبَرْتُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ فَلَامَنِي الْأَنْصَارُ، وَحَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ مَا قَالَ ذَلِكَ، فَرَجَعْتُ إِلَى الْمَنْزِلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute