للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فِي الْأُمِّ: أَكْرَهُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ وَهُوَ جَائِعٌ أَوْ تَعِبٌ أَوْ مَشْغُولُ الْقَلْبِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُغَيِّرُ الْقَلْبَ.

(فَرْعٌ):

لَوْ خَالَفَ فَحَكَمَ فِي حَالِ الْغَضَبِ صَحَّ إِنْ صَادَفَ الْحَقَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ، هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَضَى لِلزُّبَيْرِ بِشِرَاجِ الْحَرَّةِ بَعْدَ أَنْ أَغْضَبَهُ خَصْمُ الزُّبَيْرِ، لَكِنْ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِرَفْعِ الْكَرَاهَةِ عَنْ غَيْرِهِ لِعِصْمَتِهِ فَلَا يَقُولُ فِي الْغَضَبِ إِلَّا كَمَا يَقُولُ فِي الرِّضَا.

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي حَدِيثِ اللُّقَطَةِ: فِيهِ جَوَازُ الْفَتْوَى فِي حَالِ الْغَضَبِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ وَيَنْفُذُ وَلَكِنَّهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ فِي حَقِّنَا، وَلَا يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ فِي الْغَضَبِ مَا يُخَافُ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ: يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي الْحُكْمِ قَبْلَ وُصُولِهِ فِي الْغَضَبِ إِلَى تَغَيُّرِ الْفِكْرِ، وَيُؤْخَذُ مِنَ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَرَاتِبِ الْغَضَبِ وَلَا أَسْبَابِهِ، وَكَذَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ، وَفَصَّلَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْبَغَوِيُّ فَقَيَّدَا الْكَرَاهَةَ بِمَا إِذَا كَانَ الْغَضَبُ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَاسْتَغْرَبَ الرُّويَانِيُّ هَذَا التَّفْصِيلَ وَاسْتَبْعَدَهُ غَيْرُهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِظَوَاهِرِ الْحَدِيثِ وَلِلْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ نُهِيَ عَنِ الْحُكْمِ حَالَ الْغَضَبِ، وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْهُ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَفَصَّلَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْغَضَبُ طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنِ اسْتَبَانَ لَهُ الْحُكْمُ فَلَا يُؤَثِّرُ وَإِلَّا فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَهُوَ تَفْصِيلٌ مُعْتَبَرٌ وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: أَدْخَلَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ الدَّالَّ عَلَى الْمَنْعِ، ثُمَّ حَدِيثَ أَبِي مَسْعُودٍ الدَّالَّ عَلَى الْجَوَازِ تَنْبِيهًا مِنْهُ عَلَى طَرِيقِ الْجَمْعِ بِأَنْ يَجْعَلَ الْجَوَازَ خَاصًّا بِالنَّبِيِّ لِوُجُودِ الْعِصْمَةِ فِي حَقِّهِ وَالْأَمْنِ مِنَ التَّعَدِّي، أَوْ أَنَّ غَضَبَهُ إِنَّمَا كَانَ لِلْحَقِّ فَمَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِ جَازَ وَإِلَّا مُنِعَ، وَهُوَ كَمَا قِيلَ فِي شَهَادَةِ الْعَدُوِّ إِنْ كَانَتْ دُنْيَوِيَّةً رُدَّتْ، وَإِنْ كَانَتْ دِينِيَّةً لَمْ تُرَدَّ قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَغَيْرُهُ.

وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْكِتَابَةَ بِالْحَدِيثِ كَالسَّمَاعِ مِنَ الشَّيْخِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ، وَأَمَّا فِي الرِّوَايَةِ فَمَنَعَ مِنْهَا قَوْمٌ إِذَا تَجَرَّدَتْ عَنِ الْإِجَازَةِ، وَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ. نَعَمْ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَنْ لَا يُطْلَقَ الْإِخْبَارُ بَلْ يَقُولُ كَتَبَ إِلَيَّ أَوْ كَاتَبَنِي أَوْ أَخْبَرَنِي فِي كِتَابِهِ، وَفِيهِ ذِكْرُ الْحُكْمِ مَعَ دَلِيلِهِ فِي التَّعْلِيمِ، وَيَجِيءُ مِثْلُهُ فِي الْفَتْوَى. وَفِيهِ شَفَقَةُ الْأَبِ عَلَى وَلَدِهِ وَإِعْلَامُهُ بِمَا يَنْفَعُهُ وَتَحْذِيرُهُ مِنَ الْوُقُوعِ فِيمَا يُنْكَرُ. وَفِيهِ نَشْرُ الْعِلْمِ لِلْعَمَلِ بِهِ وَالِاقْتِدَاءِ وَإِنْ لَمْ يُسْأَلِ الْعَالِمُ عَنْهُ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَوْلُهُ (عَبْدُ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ.

قَوْلُهُ (جَاءَ رَجُلٌ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ تَخْفِيفِ الْإِمَامِ مِنْ أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ أَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ، وَوَهِمَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ حَزْمُ بْنُ كَعْبٍ وَإِنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِفُلَانٍ هُوَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ هُنَاكَ مُسْتَوْفًى، وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْغَضَبِ فِي بَابِ الْغَضَبِ فِي الْمَوْعِظَةِ مِنْ كِتَابِ الْعِلْمِ.

الحديث الثالث: حديث ابن عمر في طلاق امرأته وهي حائض.

قَوْلُهُ: (يُونُسُ) هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ.

قَوْلُهُ (فَتَغَيَّظَ فِيهِ) وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَلَيْهِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فِيهِ يَعُودُ لِلْفِعْلِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الطَّلَاقُ الْمَوْصُوفُ، وَفِي عَلَيْهِ لِلْفَاعِلِ وَهُوَ ابْنُ عُمَرَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ مَشْرُوحًا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ.

١٤ - بَاب مَنْ رَأَى لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ فِي أَمْرِ النَّاسِ إِذَا لَمْ يَخَفْ الظُّنُونَ وَالتُّهَمَةَ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ لِهِنْدٍ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ. وَذَلِكَ إِذَا كَانَ أَمْرًا مَشْهُورًا

٧١٦١ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ