شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى، وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا قَوْلُهُ: كَانُوا عُمَّالَ أَنْفُسِهِمْ وَقَوْلُهُ: يَكُونُ لَهُمْ أَرْوَاحٌ جَمْعُ رِيحٍ؛ لِأَنَّ أَصْلَ رِيحِ رَوْحٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ (١) وَسُكُونِ الْوَاوِ، وَيُقَالُ فِي جَمْعِهِ أَيْضًا أَرْيَاحٌ بِقِلَّةٍ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ: قَوْلُهُ: (عَنْ ثَوْرٍ) هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الشَّامِيُّ لَا ابْنُ زَيْدٍ الْمَدَنِيُّ.
قَوْلُهُ: (عَنِ الْمِقْدَامِ) هُوَ ابْنُ مَعْدِي كَرِبَ الْكَنَدِيُّ مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ، مَاتَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ بِحِمْصَ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ فِي الْأَطْعِمَةِ.
قَوْلُهُ: (مَا أَكَلَ أَحَدٌ) زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: مِنْ بَنِي آدَمَ.
قَوْلُهُ: (طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ خَيْرٌ بِالرَّفْعِ وَهُوَ جَائِزٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ مِنْ كَدِّ يَدَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالْخَيْرِيَّةِ مَا يَسْتَلْزِمُ الْعَمَلَ بِالْيَدِ مِنَ الْغِنَى عَنِ النَّاسِ. وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْهُ: مَا كَسَبَ الرَّجُلُ أَطْيَبَ مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ وَلِابْنِ الْمُنْذِرِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: مَا أَكَلَ رَجُلٌ طَعَامًا قَطُّ أَحَلَّ مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ وَفِي فَوَائِدِ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ بَقِيَّةَ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ حَدِيثِ الْبَابِ وَزَادَ: مَنْ بَاتَ كَالًّا مِنْ عَمَلِهِ بَاتَ مَغْفُورًا لَهُ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَفِي الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَمِّهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَمِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّ دَاوُدَ. . . إِلَخْ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِحَذْفِ الْوَاوِ، وَفِي رِوَايَتِهِ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ.
قَوْلُهُ: (لَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ) وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْحَصْرِ بِخِلَافِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ سَيَأْتِي فِي تَرْجَمَةِ دَاوُدَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ; وَوَقَعَ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِسَنَدٍ وَاهٍ: كَانَ دَاوُدُ زَرَّادًا، وَكَانَ آدَمُ حَرَّاثًا، وَكَانَ نُوحٌ نَجَّارًا، وَكَانَ إِدْرِيسُ خَيَّاطًا، وَكَانَ مُوسَى رَاعِيًا وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ الْعَمَلِ بِالْيَدِ، وَتَقْدِيمُ مَا يُبَاشِرُهُ الشَّخْصُ بِنَفْسِهِ عَلَى مَا يُبَاشِرُهُ بِغَيْرِهِ، وَالْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ دَاوُدَ بِالذِّكْرِ أَنَّ اقْتِصَارَهُ فِي أَكْلِهِ عَلَى مَا يَعْمَلُهُ بِيَدِهِ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنَّمَا ابْتَغَى الْأَكْلَ مِنْ طَرِيقِ الْأَفْضَلِ، وَلِهَذَا أَوْرَدَ النَّبِيُّ ﷺ قِصَّتَهُ فِي مَقَامِ الِاحْتِجَاجِ بِهَا عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ خَيْرَ الْكَسْبِ عَمَلُ الْيَدِ، وَهَذَا بَعْدَ تَقْرِيرِ أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا، وَلَا سِيَّمَا إِذَا وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَدْحُهُ وَتَحْسِينُهُ مَعَ عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ التَّكَسُّبَ لَا يَقْدَحُ فِي التَّوَكُّلِ، وَأَنَّ ذِكْرَ الشَّيْءِ بِدَلِيلِهِ أَوْقَعُ فِي نَفْسِ سَامِعِهِ.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ: قَوْلُهُ: (لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ الِاسْتِعْفَافِ عَنِ الْمَسْأَلَةِ وَأَخْرَجَهُ هُنَاكَ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَبَعْدَ أَبْوَابٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ، وَهُنَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - وَهُوَ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ - وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى تَرْجَمَتِهِ فِي أَوَاخِرِ الصِّيَامِ.
وَحَدِيثُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي ذَلِكَ أَوْرَدَهُ هُنَا مُخْتَصَرًا وَسَاقَهُ فِي بَابِ الِاسْتِعْفَافِ مِنَ الزَّكَاةِ بِتَمَامِهِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ، وَقَوْلُهُ: أَحْبُلَهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ حَبْلٍ مِثْلُ فَلْسٍ وَأَفْلُسَ.
١٦ - باب السُّهُولَةِ وَالسَّمَاحَةِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ، وَمَنْ طَلَبَ حَقًّا فَلْيَطْلُبْهُ فِي عَفَافٍ
٢٠٧٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى.
(١) قال مصحح طبعة بولاق: صوابه بكسر الراء.