إِلَى ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَكَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ: لَمْ يَسْمَعْ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: بَلَغْنَا. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ شُعْبَةُ: أَحَادِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ إِنَّمَا سَمِعَهَا مِنْ عِكْرِمَةَ، لَقِيَهُ أَيَّامَ الْمُخْتَارِ. قُلْتُ: وكَذَا قَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ: كُلُّ شَيْءٍ يَقُولُ ابْنُ سِيرِينَ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَهُ مِنْ عِكْرِمَةَ اهـ.
وَاعْتِمَادُ الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْمَتْنِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى السَّنَدِ الثَّانِي، وَقَدْ ذَكَرْتُ أَنَّ ابْنَ الطَّبَّاعِ أَدْخَلَ فِي الْأَوَّلِ عِكْرِمَةَ بَيْنَ ابْنِ سِيرِينَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ بِإِيرَادِ السَّنَدِ الثَّانِي إِلَى مَا ذَكَرْتُ مِنْ أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قُلْتُ: وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَأَدْخَلَ بَيْنَ مُحَمَّدَ بْنِ سِيرِينَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، عِكْرِمَةَ، وَإِنَّمَا صَحَّ عِنْدَهُ لِمَجِيئِهِ بِالطَّرِيقِ الْأُخْرَى الثَّانِيَةِ فَأَوْرَدَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي سَمِعَهُ. قَوْلُهُ (تَعَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَتِفًا) فِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ أَكَلَ كَتِفًا وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِهَدِيَّةٍ خُبْزٍ وَلَحْمٍ فَأَكَلَ ثَلَاثَ لُقَمٍ الْحَدِيثَ، فَأَفَادَتْ تَعْيِينَ جِهَةِ اللَّحْمِ وَمِقْدَارِ مَا أَكَلَ مِنْهُ.
قَوْلُهُ (وَعَنْ أَيُّوبَ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى السَّنَدِ الَّذِي قَبْلُهُ، وَأَخْطَأَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ. وَقَدْ أَوْرَدَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ الْفَضْلِ بْنِ الْحُبَابِ، عَنِ الْحَجَبِيِّ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ، حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَدِيثَ عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ بِسَنَدَيْنِ عَلَى لَفْظَيْنِ: أَحَدُهَما عَنِ ابْنِ سِيرِينَ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي عَنْهُ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَعَاصِمٍ الْأَحْوَلِ بِاللَّفْظِ الثَّانِي، وَمُفَادُ الْحَدِيثَيْنِ وَاحِدٌ وَهُوَ تَرْكُ إِيجَابِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: وَصَلَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُوصِلِيُّ، وَعَارِمٌ، وَيَحْيَى بْنُ غِيلَانَ، وَالْحَوْضِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَأَرْسَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ. قُلْتُ: وَوَصْلُهُ صَحِيحٌ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُمْ أَكْثَرُ وَأَحْفَظُ وَقَدْ وَصَلُوا وَأَرْسَلَ فَالْحُكْمُ لَهُمْ عَلَيْهِ، وَقَدْ وَصَلَهُ آخَرُونَ غَيْرَ مِنْ سُمِّيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
١٩ - بَاب تَعَرُّقِ الْعَضُدِ
٥٤٠٦ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ الْمَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ نَحْوَ مَكَّةَ. .
٥٤٠٧ - وحَدَّثَني عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ فِي مَنْزِلٍ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ نَازِلٌ أَمَامَنَا، وَالْقَوْمُ مُحْرِمُونَ وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعْلِي، فَلَمْ يُؤْذِنُونِي لَهُ، وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ، فَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ، فَقُمْتُ إِلَى الْفَرَسِ فَأَسْرَجْتُهُ ثُمَّ رَكِبْتُ، وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقُلْتُ لَهُمْ: نَاوِلُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ. فَغَضِبْتُ فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُمَا، ثُمَّ رَكِبْتُ فَشَدَدْتُ عَلَى الْحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ، فَوَقَعُوا فِيهِ يَأْكُلُونَهُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ شَكُّوا فِي أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ وَهُمْ حُرُمٌ، فَرُحْنَا، وَخَبَأْتُ الْعَضُدَ مَعِي، فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute