للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْكِتَابِ.

قَوْلُهُ: (فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ) فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ: فَخَرَجُوا قَدْ أَرَوْهُ أَنَّهُمْ أَخْبَرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ، وَاسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ إِلَيْهِ وَهَذَا أَوْضَحُ.

قَوْلُهُ: (بِمَا أَتَوْا) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالْقَصْرِ، بِمَعْنَى جَاءُوا، أَيْ بِالَّذِي فَعَلُوهُ، وَلِلْحَمَوِيِّ: بِمَا أُوتُوا بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا وَاوٌ، أَيْ: أُعْطُوا، أَيْ: مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي كَتَمُوهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ﴾ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِمُوَافَقَتِهِ التِّلَاوَةَ الْمَشْهُورَةَ، عَلَى أَنَّ الْأُخْرَى قِرَاءَةُ السُّلَمِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُوَافَقَةُ الْمَشْهُورَةِ أَوْلَى مَعَ مُوَافَقَتِهِ لِتَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الَّذِينَ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي الْآيَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا. وَأَنَّ اللَّهَ ذَمَّهَمْ بِكِتْمَانِ الْعِلْمِ الَّذِي أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَكْتُمُوهُ، وَتَوَعَّدَهُمْ بِالْعَذَابِ عَلَى ذَلِكَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ الْمَذْكُورَةِ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي التَّوْرَاةِ: إِنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي افْتَرَضَهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَإِنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.

(تَنْبِيهٌ) الشَّيْءُ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْهُ الْيَهُودَ لَمْ أَرَهُ مُفَسَّرًا، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ سَأَلَهُمْ عَنْ صِفَتِهِ عِنْدَهُمْ بِأَمْرٍ وَاضِحٍ، فَأَخْبَرُوهُ عَنْهُ بِأَمْرٍ مُجْمَلٍ. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ﴾ قَالَ: مُحَمَّدٌ. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا﴾ قَالَ: بِكِتْمَانِهِمْ مُحَمَّدًا. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا﴾ قَالَ: قَوْلِهِمْ: نَحْنُ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ.

١٧ - بَاب ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ الآية

٤٥٦٩ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً، ثُمَّ رَقَدَ، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ﴾ ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ، وَاسْتَنَّ، فَصَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ سَاقَ إِلَى ﴿الأَلْبَابِ﴾ وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَبْوَابِ الْوِتْرِ. وَوَرَدَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَتَتْ قُرَيْشٌ الْيَهُودَ فَقَالُوا: أَيُّمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى؟ قَالُوا: الْعَصَا وَيَدُهُ، الْحَدِيثَ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَقَالُوا لِلنَّبِيِّ ﷺ: اجْعَلْ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إِلَّا الْحِمَّانِيَّ؛ فَإِنَّهُ تُكُلِّمَ فِيهِ. وَقَدْ خَالَفَهُ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى فَرَوَاهُ عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا وَهُوَ أَشْبَهُ، وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مَحْفُوظًا وَصْلُهُ، فَفِيهِ إِشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مَدَنِيَّةٌ وَقُرَيْشٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ.

قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُهُمْ لِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَا سِيَّمَا فِي زَمَنِ الْهُدْنَةِ.

١٨ - بَاب ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ الآية