عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ وَسَيَأْتِي، وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ) هُوَ اللَّيْثِيُّ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ لَهُ صُحْبَةً. وَهُوَ رَاوِي حَدِيثِ الْأَعْمَالِ عَنْ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ مَرْوَانَ) هُوَ ابْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الَّذِي وَلِيَ الْخِلَافَةَ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ.
قَوْلُهُ: (قَالَ لِبَوَّابِهِ: اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْ) رَافِعٌ هَذَا لَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا فِي كِتَابِ الرُّوَاةِ إِلَّا بِمَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ تَوَجَّهَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَبَلَّغَهُ الرِّسَالَةَ وَرَجَعَ إِلَى مَرْوَانَ بِالْجَوَابِ، فَلَوْلَا أَنَّهُ مُعْتَمَدٌ عِنْدَ مَرْوَانَ مَا قَنَعَ بِرِسَالَتِهِ، لَكِنْ قَدْ أَلْزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، الْبُخَارِيَّ أَنْ يُصَحِّحَ حَدِيثَ يسْرَةَ بْنِ صَفْوَانَ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ؛ فَإِنَّ عُرْوَةَ، وَمَرْوَانَ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ. فَبَعَثَ مَرْوَانُ حَرَسِيَّهُ إِلَى يسْرَةَ فَعَادَ إِلَيْهِ بِالْجَوَابِ عَنْهَا، فَصَارَ الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ عَنْ رَسُولِ مَرْوَانَ، عَنْ يسْرَةَ، وَرَسُولُ مَرْوَانَ مَجْهُولُ الْحَالِ، فَتَوَقَّفَ عَنِ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ لِذَلِكَ، فَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: إِنَّ الْقِصَّةَ الَّتِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ شَبِيهَةٌ بِحَدِيثِ يسْرَةَ، فَإِنْ كَانَ رَسُولُ مَرْوَانَ مُعْتَمَدًا فِي هَذِهِ فَلْيُعْتَمَدْ فِي الْأُخْرَى؛ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.
إِلَّا أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ سَمَّى رَافِعًا وَلَمْ يُسَمِّ الْحَرَسِيَّ، قَالَ: وَمَعَ هَذَا، فَاخْتُلِفَ عَلَى ابْنِ جُرَيْجٍ فِي شَيْخِ شَيْخِهِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَهِشَامٌ عَنْهُ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ:، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَصَارَ لِهِشَامٍ مُتَابِعٌ وَهُوَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَلِحَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ مُتَابِعٌ وَهُوَ مُحَمَّدٌ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ كَمَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ. وَالَّذِي يَتَحَصَّلُ لِي مِنَ الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ كَانَ حَاضِرًا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا أَجَابَ، فَالْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَإِنَّمَا قَصَّ عَلْقَمَةُ سَبَبَ تَحْدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِذَلِكَ فَقَطْ، وَكَذَا أَقُولُ فِي حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَكَأَنَّ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ حَمَلَهُ عَنْ كُلِّ مِنْهُمَا، وَحَدَّثَ بِهِ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ كُلِّ مِنْهُمَا، فَحَدَّثَ بِهِ ابْنُ جُرَيْجٍ تَارَةً عَنْ هَذَا وَتَارَةً عَنْ هَذَا.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَا يَدُلُّ عَلَى سَبَبِ إِرْسَالِهِ لِابْنِ عَبَّاسٍ، فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: كَانَ أَبُو سَعِيدٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ عِنْدَ مَرْوَانَ، فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ - فَذَكَرَ الْآيَةَ - فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ ذَاكَ، إِنَّمَا ذَاكَ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ - فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ وَفِيهِ - فَإِنْ كَانَ لَهُمْ نَصْرٌ وَفَتْحٌ حَلَفُوا لَهُمْ عَلَى سُرُورِهِمْ بِذَلِكَ؛ لِيَحْمَدُوهُمْ عَلَى فَرَحِهِمْ وَسُرُورِهِمْ، فَكَأَنَّ مَرْوَانَ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: هَذَا يُعْلَمُ بِهَذَا، فَقَالَ: أَكَذَلِكَ يَا زَيْدُ؟ قَالَ: نَعَمْ، صَدَقَ. وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّ مَرْوَانَ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَجَابَهُ بِنَحْوِ مَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ، فَكَأَنَّ مَرْوَانَ أَرَادَ زِيَادَةَ الِاسْتِظْهَارِ، فَأَرْسَلَ بَوَّابَهُ رَافِعًا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا قَوْلُ الْبُخَارِيِّ عَقِبَ الْحَدِيثَ: تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَيُرِيدُ أَنَّهُ تَابَعَ هِشَامَ بْنَ يُوسُفَ عَلَى رِوَايَتِهِ إِيَّاهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.
عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَرِوَايَةُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَصَلَهَا فِي التَّفْسِيرِ وَأَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَالطَّبَرِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طَرِيقِهِ، وَقَدْ سَاقَ الْبُخَارِيُّ إِسْنَادَ حَجَّاجٍ عَقِبَ هَذَا، وَلَمْ يَسُقِ الْمَتْنَ، بَلْ قَالَ: عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ بِهَذَا، وَسَاقَهُ مُسْلِمٌ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ: إِنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ: اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ هِشَامٍ.
قَوْلُهُ: (لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ) فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ: لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعِينَ.
قَوْلُهُ: (إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ ﷺ يَهُودًا فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ) فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ: إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute