الْمُصَنِّفُ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ ﷺ وَجَاءَتْ فِيهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ: يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: سُورَةُ الْبَقَرَةِ - إِلَى أَنْ قَالَ -: وَسُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ، وَكَذَلِكَ الْبَاقِي وَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: يُكْرَهُ ذَلِكَ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ قَوْلُ الْجَمَاهِيرِ، وَالْأَحَادِيثُ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ، وَكَذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ. قُلْتُ: وَقَدْ جَاءَ فِيمَا يُوَافِقُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْبَعْضُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ عَنْ أَنَسٍ رَفَعَهُ: لَا تَقُولُوا: سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَلَا سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ وَلَا سُورَةُ النِّسَاءِ وَكَذَلِكَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ أَخْرَجَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ قَانِعٍ فِي فَوَائِدِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِي سَنَدِهِ عُبَيْسُ بْنُ مَيْمُونٍ الْعَطَّارُ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَأَوْرَدَه ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَنَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ حَدِيثُ يَزِيدَ الْفَارِسِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقُولُ: ضَعُوهَا فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ: وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ أَحْوَطُ، وَلَكِنِ اسْتَقَرَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى الْجَوَازِ فِي الْمَصَاحِفِ وَالتَّفَاسِيرِ، قُلْتُ: وَقَدْ تَمَسَّكَ بِالِاحْتِيَاطِ الْمَذْكُورِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ مِنْهُمْ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَمِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ الْكَلْبِيُّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَنَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ الْحَكِيمِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ مِنْ حُرْمَةِ الْقُرْآنِ أَنْ لَا يُقَالَ: سُورَةُ كَذَا، كَقَوْلِكَ: سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَسُورَةُ النَّحْلِ وَسُورَةُ النِّسَاءِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا.
وَتَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي مَسْعُودٍ يُعَارِضُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا مُعَارَضَةَ مَعَ إِمْكَانٍ، فَيَكُونُ حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ وَمَنْ وَافَقَهُ دَالًّا عَلَى الْجَوَازِ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ إِنْ ثَبَتَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ تَشْهَدُ لِمَا تَرْجَمَ لَهُ:
أَحَدُهَا: حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ فِي الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ قَرِيبًا.
الثَّانِي: حَدِيثُ عُمَرَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي بَابِ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ.
الثالث: حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.
٢٨ - بَاب التَّرْتِيلِ فِي الْقِرَاءَةِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا﴾ وَقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ﴾ وَمَا يُكْرَهُ أَنْ يُهَذَّ كَهَذِّ الشِّعْرِ فِيهَا، يُفْرَقُ يُفَصَّلُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَرَقْنَاهُ: فَصَّلْنَاهُ.
٥٠٤٣ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: غَدَوْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ رَجُلٌ: قَرَأْتُ الْمُفَصَّلَ الْبَارِحَةَ، فَقَالَ: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، إِنَّا قَدْ سَمِعْنَا الْقِرَاءَةَ، وَإِنِّي لَأَحْفَظُ الْقُرَنَاءَ الَّتِي كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ النَّبِيُّ ﷺ: ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سُورَةً مِنْ الْمُفَصَّلِ وَسُورَتَيْنِ مِنْ آلِ حم.
٥٠٤٤ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا نَزَلَ جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ الَّتِي فِي ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ﴾ فَإِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ فِي