قَوْلُهُ: بَابُ قَوْلِهِ ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ فِي التَّرْجَمَةِ، وَفِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ، وَلِغَيْرِهِ (وَسَبِّحْ) بِالْوَاوِ فِيهِمَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلتِّلَاوَةِ فَهُوَ الصَّوَابُ، وَعِنْدَهُمْ أَيْضًا ﴿وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِآيَةِ السُّورَةِ.
ثم أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ جَرِيرٍ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ .. الْحَدِيثَ، وَفِي آخِرِهِ: ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي طه، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: الْمُنَاسِبُ لِهَذِهِ السُّورَةِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ لَا غُرُوبِهَا.
قُلْتُ: لَا سَبِيلَ إِلَى التَّصَرُّفِ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا أَوْرَدَ الْحَدِيثَ هُنَا لِاتِّحَادِ دَلَالَةِ الْآيَتَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ، وَكَذَا وَقَعَ هُنَا فِي نُسْخَةٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ بِلَفْظِ: ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ وَسَيَأْتِي شَرْحُ حَدِيثِ جَرِيرٍ فِي التَّوْحِيدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَمَضَى مِنْهُ شَيْءٌ فِي فَضْلِ وَقْتِ الْعَصْرِ مِنَ الْمَوَاقِيتِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَرَهُ أَنْ يُسَبِّحَ) يَعْنِي أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ ﴿فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ﴾ قَالَ: هُوَ التَّسْبِيحُ بَعْدَ الصَّلَاةِ.
قَوْلُهُ: (فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا) يَعْنِي قَوْلَهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ، كَذَا لَهُمْ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ ﷺ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ أَدْبَارَ السُّجُودِ. وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، لَكِنْ رَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيِّ قَالَ: قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَدْبَارَ السُّجُودِ﴾: هُمَا الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمَا مِثْلَهُ، وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ كُرَيْبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَرَأَ أَدْبَارَ النُّجُومِ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ، أَيْ بِهِمَا.
٥١ - سُورَةُ والذَّارِيَاتِ
قَالَ عَلِيٌّ ﵇: الذَّارِيَاتُ: الرِّيَاحُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: تَذْرُوهُ تُفَرِّقُهُ. ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ﴾ تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ فِي مَدْخَلٍ وَاحِدٍ وَيَخْرُجُ مِنْ مَوْضِعَيْنِ، فَرَاغَ: فَرَجَعَ، فَصَكَّتْ: فَجَمَعَتْ أَصَابِعَهَا، فَضَرَبَتْ بِهِ جَبْهَتَهَا، وَالرَّمِيمُ: نَبَاتُ الْأَرْضِ إِذَا يَبِسَ وَدَبَّسَ، لَمُوسِعُونَ: أَيْ لَذُو سِعَةٍ، وَكَذَلِكَ ﴿عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ﴾ يَعْنِي الْقَوِيَّ، زَوْجَيْنِ: الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَاخْتِلَافُ الْأَلْوَانِ: حُلْوٌ وَحَامِضٌ، فَهُمَا زَوْجَانِ، ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ﴾ مِنَ اللَّهِ إِلَيْهِ. ﴿إِلا لِيَعْبُدُونِ﴾ مَا خَلَقْتُ أَهْلَ السَّعَادَةِ مِنْ أَهْلِ الْفَرِيقَيْنِ إِلَّا لِيُوَحِّدُونِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: خَلَقَهُمْ لِيَفْعَلُوا، فَفَعَلَ بَعْضٌ، وَتَرَكَ بَعْضٌ، وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ الْقَدَرِ. وَالذَّنُوبُ: الدَّلْوُ الْعَظِيمُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ذَنُوبًا: سَبِيلًا. صَرَّةٍ: صَيْحَةٍ، الْعَقِيمُ: الَّتِي لَا تَلِدُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَالْحُبُكُ: اسْتِوَاؤُهَا وَحُسْنُهَا. ﴿فِي غَمْرَةٍ﴾ فِي ضَلَالَتِهِمْ يَتَمَادُونَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: تَوَاصَوْا تَوَاطَئُوا. وَقَالَ غَيْرُهُ: مُسَوَّمَةً: مُعَلَّمَةً، مِنَ السِّيمَا. ﴿قُتِلَ الإِنْسَانُ﴾ لُعِنَ.
قَوْلُهُ: (سُورَةُ وَالذَّارِيَاتِ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) سَقَطَت (سُورَةُ) وَ (الْبَسْمَلَةُ) لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ، وَالْوَاوُ لِلْقَسَمِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute