٥ - بَاب
* ٦٩٢٩ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يَحْكِي نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، فَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ.
قَوْلُهُ: (بَابٌ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ، وَحَذَفَهُ ابْنُ بَطَّالٍ فَصَارَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمَذْكُورُ فِيهِ مِنْ جُمْلَةِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي قَوْمٍ كُفَّارٍ أَهْلِ حَرْبٍ وَالنَّبِيُّ ﷺ مَأْمُورٌ بِالصَّبْرِ عَلَى الْأَذَى مِنْهُمْ فَلِذَلِكَ امْتَثَلَ أَمْرَ رَبِّهِ.
قُلْتُ: فَهَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ صَنِيعِ الْأَكْثَرِ مِنْ جَعْلِهِ فِي تَرْجَمَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، لَكِنْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ وَقَعَ كَالْفَصْلِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ فَلَابُدَّ لَهُ مِنْ تَعَلُّقٍ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ أَشَارَ بِإِيرَادِهِ إِلَى تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِأَنَّ تَرْكَ قَتْلِ الْيَهُودِ لِمَصْلَحَةِ التَّأْلِيفِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُؤَاخِذِ الَّذِي ضَرَبَهُ حَتَّى جَرَحَهُ بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِ لِيَهْلِكَ بَلْ صَبَرَ عَلَى أَذَاهُ وَزَادَ فَدَعَا لَهُ فَلَأَنْ يَصْبِرَ عَلَى الْأَذَى بِالْقَوْلِ أَوْلَى، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْكُ الْقَتْلِ بِالتَّعْرِيضِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمَذْكُورِ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي، وَحَفْصٌ الْمَذْكُورُ فِي السَّنَدِ هُوَ ابْنُ غِيَاثٍ، وَشَقِيقٌ هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ أَبُو وَائِلٍ، وَالسَّنَدُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ. وَقَوْلُهُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ.
قَوْلُهُ: (يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ) تَقَدَّمَ فِي ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا السَّنَدِ وَذَكَرْتُ فِيهِ - مِنْ طَرِيقٍ مُرْسَلَةٍ وَفِي سَنَدِهَا مَنْ لَمْ يُسَمَّ - مَنْ سَمَّى النَّبِيَّ الْمَذْكُورَ نُوحًا ﵇، ثُمَّ وَقَعَ لِي مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ بِسَنَدٍ لَهُ مَضْمُومًا إِلَى رِوَايَتِهِ بِسَنَدِ حَدِيثِ الْبَابِ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ نُوحٍ ﵇ مِنْ تَارِيخِ دِمَشْقَ مِنْ رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: إِنْ كَانَ نُوحٌ لَيَضْرِبُهُ قَوْمُهُ حَتَّى يُغْمَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُفِيقَ فَيَقُولَ: اهْدِ قَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ.
وَبِهِ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ، وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ أَيْضًا قَوْلُ الْقُرْطُبِيِّ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ هُوَ الْحَاكِي وَالْمَحْكِيُّ عَنْهُ، وَوَجْهُ الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ بَيَانُ مَا وَقَعَ لَهُ ﷺ مِنَ الْجِرَاحَةِ فِي وَجْهِهِ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَّهُ ﷺ قَالَ أَوَّلًا: كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ أَدْمَوْا وَجْهَ نَبِيِّهِمْ، فَإِنَّهُ قَالَ أَيْضًا: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، وَأَنَّ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ ﷺ قَالَ نَحْوَ ذَلِكَ يَوْمَ حُنَيْنٍ لَمَّا ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ عِنْدَ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ.
قَوْلُهُ: (فَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ) فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ جَبِينِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ بَيَانُ أَنَّهُ شُجَّ ﷺ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَشَرْحُ مَا وَقَعَ فِي ذَلِكَ مَبْسُوطًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
٦ - بَاب قَتْلِ الْخَوَارِجِ وَالْمُلْحِدِينَ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ﴾ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَاهُمْ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ، وَقَالَ: إِنَّهُمْ انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ نَزَلَتْ فِي الْكُفَّارِ فَجَعَلُوهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute