٥٨٧٠ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدًا يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ ﵁: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ فِضَّةٍ، وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، سَمِعَ أَنَسًا، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ.
قَوْلُهُ: (بَابُ فَصِّ الْخَاتَمِ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْفَصُّ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالْعَامَّةُ تَكْسِرُهَا وَأَثْبَتَهَا غَيْرُهُ لُغَةً وَزَادَ بَعْضُهُمُ الضَّمَّ وَعَلَيْهِ جَرَى ابْنُ مَالِكٍ فِي الْمُثَلَّثِ، ثم ذكر حَدِيثُ حُمَيْدٍ سُئِلَ أَنَسٌ: هَلِ اتَّخَذَ النَّبِيُّ ﷺ خَاتَمًا؟ قَالَ: أَخَّرَ لَيْلَةً صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْحَدِيثَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الْمَوَاقِيتِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ وَبِيصٌ بِمُوَحَّدَةٍ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ هُوَ الْبَرِيقُ وَزْنًا وَمَعْنًى، وَسَيَأْتِي مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ بِلَفْظِ بِرِيقِهِ وَمِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ بَيَاضِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ فِي آخِرِهِ وَرَفَعَ أَنَسٌ يَدَهُ الْيُسْرَى أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَلَهُ فِي أُخْرَى وَأَشَارَ إِلَى الْخِنْصَرِ مِنْ يَدِهِ الْيُسْرَى.
قَوْلُهُ في الطريق الثانية (كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ فِضَّةٍ) فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ (مِنْ فِضَّةٍ كُلُّهُ) فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّهُ كُلَّهُ مِنْ فِضَّةٍ، وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِيَاسِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُعَيْقِيبٍ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ حَدِيدٍ مَلْوِيًّا عَلَيْهِ فِضَّةٌ، فَرُبَّمَا كَانَ فِي يَدِي، قَالَ: وَكَانَ مُعَيْقِيبٌ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّ ﷺ يَعْنِي كَانَ أَمِينًا عَلَيْهِ فَيُحْمَلُ عَلَى التَّعَدُّدِ، وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ ابْنُ سَعْدٍ شَاهِدًا مُرْسَلًا عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ خَاتَمَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَانَ مِنْ حَدِيدٍ مَلْوِيًّا عَلَيْهِ فِضَّةٌ، غَيْرَ أَنَّ فَصَّهُ بَادٍ وَآخَرَ مُرْسَلًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مِثْلَهُ دُونَ مَا فِي آخِرِهِ. وَثَالِثًا مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَنَّ خَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ - يَعْنِي ابْنَ الْعَاصِ - أَتَى وَفِي يَدِهِ خَاتَمٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا هَذَا؟ اطْرَحْهُ، فَطَرَحَهُ فَإِذَا خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ مَلْوِيٌّ عَلَيْهِ فِضَّةٌ. قَالَ: فَمَا نَقْشُهُ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: فَأَخَذَهُ فَلَبِسَهُ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ أَنَّ ذَلِكَ جَرَى لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ أَخِي خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَسَأَذْكُرُ لَفْظَهُ فِي بَابِ هَلْ يُجْعَلُ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ؟
قَوْلُهُ: (وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ) لَا يُعَارِضُهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ وَرِقٍ وَكَانَ فَصُّهُ حَبَشِيًّا لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّعَدُّدِ وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى قَوْلِهِ حَبَشِيٌّ أَيْ كَانَ حَجَرًا مِنْ بِلَادِ الْحَبَشَةِ، أَوْ عَلَى لَوْنِ الْحَبَشَةِ، أَوْ كَانَ جَزْعًا أَوْ عَقِيقًا لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُؤْتَى بِهِ مِنْ بِلَادِ الْحَبَشَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي فَصُّهُ مِنْهُ وَنُسِبَ إِلَى الْحَبَشَةِ لِصِفَةٍ فِيهِ إِمَّا الصِّيَاغَةُ وَإِمَّا النَّقْشُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ إِلَخْ) أَرَادَ بِهَذَا التَّعْلِيقِ بَيَانَ سَمَاعِ حُمَيْدٍ لَهُ مِنْ أَنَسٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَوَاقِيتِ مُعَلَّقًا أَيْضًا، وَذَكَرْتُ مَنْ وَصَلَهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَقَدِ اعْتَرَضَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْبَابِ الَّذِي تَرْجَمَهُ فِي شَيْءٍ، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ لَا يُسَمَّى خَاتَمًا إِلَّا إِذَا كَانَ لَهُ فَصٌّ، فَإِنْ كَانَ بِلَا فَصٍّ فَهُوَ حَلْقَةٌ. قُلْتُ: لَكِنْ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ فِي الْبَابِ أَنَّ فَصَّ الْخَاتَمِ كَانَ مِنْهُ، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ خَاتَمٌ إِلَّا إِذَا كَانَ لَهُ فَصٌّ مِنْ غَيْرِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ خَالِدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَصَاغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَاتَمًا حَلْقَةً مِنْ فِضَّةٍ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْإِجْمَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى مَحْمُولٌ عَلَى التَّبْيِينِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
٤٩ - بَاب خَاتَمِ الْحَدِيدِ
٥٨٧١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلًا يَقُولُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute