٤٩ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ وَكَثْرَةِ الْمَهْرِ، وَأَدْنَى مَا يَجُوزُ مِنْ الصَّدَاقِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا﴾ وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ وَقَالَ سَهْلٌ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ.
٥١٤٨ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ، فَرَأَى النَّبِيُّ ﷺ بَشَاشَةَ الْعُرْسِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ، وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ وَكَثْرَةِ الْمَهْرِ، وَأَدْنَى مَا يَجُوزُ مِنَ الصَّدَاقِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا﴾ وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾. هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مَعْقُودَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَا يَتَقَدَّرُ أَقَلُّهُ، وَالْمُخَالِفُ فِي ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ، وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِمَّا ذَكَرَهُ الْإِطْلَاقُ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿صَدُقَاتِهِنَّ﴾، وَمِنْ قَوْلِهِ: فَرِيضَةٌ، وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ: وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَكَثْرَةِ الْمَهْرِ فَهُوَ بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى قَوْلِ اللَّهِ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَاهَا وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا﴾ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى جَوَازِ كَثْرَةِ الْمَهْرِ.
وَقَدِ اسْتَدَلَّتْ بِذَلِكَ الْمَرْأَةُ الَّتِي نَازَعَتْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لَا تُغَالُوا فِي مُهُورِ النِّسَاءِ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: لَيْسَ ذَلِكَ لَكَ يَا عُمَرُ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ وَكَذَلِكَ هِيَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ عُمَرُ: امْرَأَةٌ خَاصَمَتْ عُمَرَ فَخَصَمَتْهُ وَأَخْرَجَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُنْقَطِعٍ فَقَالَ عُمَرُ: امْرَأَةٌ أَصَابَتْ رَجُلٌ أَخْطَأَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عُمَرَ فَذَكَرَهُ مُتَّصِلًا مُطَوَّلًا، وَأَصْلُ قَوْلِ عُمَرَ: لَا تَغَالَوْا فِي صَدَقَاتِ النِّسَاءِ عِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ قِصَّةُ الْمَرْأَةِ، وَمُحَصِّلُ الِاخْتِلَافِ أَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُتَمَوَّلُ، وَقِيلَ: أَقَلُّهُ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ، وَقِيلَ: أَرْبَعُونَ وَقِيلَ: خَمْسُونَ، وَأَقَلُّ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَقِيلَ: ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَقِيلَ: خَمْسَةٌ وَقِيلَ: عَشَرَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ سَهْلٌ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ) هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ الْوَاهِبَةِ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى بَعْدَ هَذَا، وَيَأْتِي مَزِيدٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ قَلِيلٍ أَيْضًا، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ تَزْوِيجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَفِيهِ قَوْلُهُ: (تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الْوَلِيمَةِ وَلَوْ بِشَاةٍ بَعْدَ بِضْعَةَ عَشَرَ بَابًا.
قَوْلُهُ: (وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْهُمَا، فَبَيَّنَ أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ صُهَيْبٍ أَطْلَقَ عَنْ أَنَسٍ النَّوَاةَ، وَقَتَادَةُ زَادَ أَنَّهَا مِنْ ذَهَبٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَعَنْ قَتَادَةَ مُعَلَّقًا. وَقَدْ أَخْرَجَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْحَدِيثَ عَنْ يُوسُفَ الْقَاضِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ بِطَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَطْ، وَأَخْرَجَ طَرِيقَ قَتَادَةَ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ، وَعَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، وَكَذَا صَنَعَ أَبُو نُعَيْمٍ أَخْرَجَ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ طَرِيقَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَحْدَهُ، وَأَخْرَجَ طَرِيقَ قَتَادَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، عَنْ شُعْبَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute