عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ جُرْحِ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: جُرِحَ وَجْهُ النَّبِيِّ ﷺ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَهُشِمَتْ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ فَكَانَتْ فَاطِمَةُ ﵍ تَغْسِلُ الدَّمَ وَعَلِيٌّ يُمْسِكُ فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّ الدَّمَ لَا يرتد إِلَّا كَثْرَةً أَخَذَتْ حَصِيرًا فَأَحْرَقَتْهُ حَتَّى صَارَ رَمَادًا ثُمَّ أَلْزَقَتْهُ فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ لُبْسِ الْبَيْضَةِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهِيَ مَا يُلْبَسُ فِي الرَّأْسِ مِنْ آلَاتِ السِّلَاحِ.
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الْمَاضِيَ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ لِقَوْلِهِ فِيهِ: وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى مَكَانِ شَرْحِهِ.
٨٦ - بَاب مَنْ لَمْ يَرَ كَسْرَ السِّلَاحِ عِنْدَ الْمَوْتِ
٢٩١٢ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: مَا تَرَكَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَّا سِلَاحَهُ وَبَغْلَةً بَيْضَاءَ وَأَرْضًا بخيبر جَعَلَهَا صَدَقَةً.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ كَسْرَ السِّلَاحِ وَعَقْرَ الدَّوَابِّ عِنْدَ الْمَوْتِ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى رَدِّ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ كَسْرِ السِّلَاحِ وَعَقْرِ الدَّوَابِّ إِذَا مَاتَ الرَّئِيسُ فِيهِمْ، وَرُبَّمَا كَانَ يَعْهَدُ بِذَلِكَ لَهُمْ. قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى انْقِطَاعِ عَمَلِ الْجَاهِلِيِّ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ لِغَيْرِ اللَّهِ وَبُطْلَانِ آثَارِهِ وَخُمُولِ ذِكْرِهِ، بِخِلَافِ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ انْتَهَى. وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّحَ بِذَلِكَ إِلَى مَنْ نَقَلَ عَنْهُ أَنَّهُ كَسَرَ رُمْحَهُ عِنْدَ الِاصْطِدَامِ حَتَّى لَا يَغْنَمَهُ الْعَدُوُّ أَنْ لَوْ قُتِلَ، وَكَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ وَضَرَبَ بِسَيْفِهِ حَتَّى قُتِلَ كَمَا جَاءَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ، فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ هَذَا شَيْءٌ فَعَلَهُ جَعْفَرٌ وَغَيْرُهُ عَنِ اجْتِهَادٍ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ جَوَازِ إِتْلَافِ الْمَالِ، لِأَنَّهُ يَفْعَلُ شَيْئًا مُحَقَّقًا فِي أَمْرٍ غَيْرِ مُحَقَّقٍ.
وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيِّ مَا تَرَكَ النَّبِيُّ ﷺ أَيْ عِنْدَ مَوْتِهِ - إِلَّا سِلَاحَهُ الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْوَصَايَا، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْمَغَازِي. وَزَعَمَ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ مُنَاسَبَتَهُ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّهُ ﷺ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَبِعْ فِيهِ شَيْئًا مِنْ سِلَاحِهِ وَلَوْ كَانَ رَهَنَ دِرْعَهُ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِكَسْرِ السِّلَاحِ بَيْعُهُ، وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ.
٨٧ - بَاب تَفَرُّقِ النَّاسِ عَنْ الْإِمَامِ عِنْدَ الْقَائِلَةِ وَالِاسْتِظْلَالِ بِالشَّجَرِ
٢٩١٣ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَي سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ أَنَّ جَابِرًا أَخْبَرَهُ.
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَأَدْرَكَتْهُمْ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ فَنَزَلَ النَّبِيُّ ﷺ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ ثُمَّ نَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي فَقَالَ: فمَنْ يَمْنَعُكَ؟ قُلْتُ: اللَّهُ، فَشَامَ السَّيْفَ فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ تَفَرُّقِ النَّاسِ عَنِ الْإِمَامِ عِنْدَ الْقَائِلَةِ وَالِاسْتِظْلَالِ بِالشَّجَرِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ الْمَاضِيَ قَبْلَ بَابَيْنِ