بِأَنَّ الدَّعْوَى أَعَمُّ مِنَ الدَّلِيلِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ فِي غَسْلِ الْفَرْجِ بِالنَّصِّ وَفِي غَيْرِهِ بِمَا عُرِفَ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَحَلُّهُ هُنَا فِيمَا إِذَا كَانَ يَغْتَرِفُ مِنَ الْإِنَاءِ، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ، قَالَ: فَأَمَّا إِذَا كَانَ ضَيِّقًا كَالْقُمْقُمِ فَإِنَّهُ يَضَعُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَيَصُبُّ الْمَاءَ مِنْهُ عَلَى يَمِينِهِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَتِهِ أَيْضًا فِي بَابِ الْغُسْلِ مَرَّةً، لَكِنَّ شَيْخَهُ هُنَاكَ عَبْدُ الْوَاحِدِ وَهُنَا أَبُو عَوَانَةَ وَهُوَ الْوَضَّاحُ الْبَصْرِيُّ.
قَوْلُهُ: (وَسَتَرْتُهُ) زَادَ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ بِثَوْبٍ وَالْوَاوُ فِيهِ حَالِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: (فَصَبَّ) قِيلَ: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، أَيْ فَأَرَادَ الْغُسْلَ فَكَشَفَ رَأْسَهُ فَأَخَذَ الْمَاءَ فَصَبَّ عَلَى يَدِهِ، قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ، وَلَا يَتَعَيَّنُ مَا قَالَهُ بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْوَضْعُ مُعَقَّبًا بِالصَّبِّ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَالْإِرَادَةُ وَالْكَشْفُ يُمْكِنُ كَوْنُهُمَا وَقَعَا قَبْلَ الْوَضْعِ، وَالْأَخْذُ هُوَ عَيْنُ الصَّبِّ هُنَا، وَالْمَعْنَى وَضَعَتْ لَهُ مَاءً فَشَرَعَ فِي الْغُسْلِ، ثُمَّ شَرَحَتِ الصِّفَةَ.
قَوْلُهُ: (قَالَ سُلَيْمَانُ) أَيِ الْأَعْمَشُ، وَقَائِلُ ذَلِكَ أَبُو عَوَانَةَ، وَفَاعِلُ أَذَكَرَ سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ عَنِ الْأَعْمَشِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَلِابْنِ فُضَيْلٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ فَصَبَّ عَلَى يَدَيْهِ ثَلَاثًا وَلَمْ يَشُكَّ، أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْتَخْرَجِهِ، فَكَأَنَّ الْأَعْمَشَ كَانَ يَشُكُّ فِيهِ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَجَزَمَ ; لِأَنَّ سَمَاعَ ابْنِ فُضَيْلٍ مِنْهُ مُتَأَخِّرٌ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَمَضْمَضَ) وَلِلْأَصِيلِيِّ مَضْمَضَ بِغَيْرِ تَاءٍ.
قَوْلُهُ: (وَغَسَلَ قَدَمَيْهِ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَلِلْأَكْثَرِ فَغَسَلَ بِالْفَاءِ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ بِيَدِهِ) أَيْ أَشَارَ، وَهُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ كَمَا تَقَدَّمَ مِثْلُهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُرِدْهَا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ مِنَ الْإِرَادَةِ، وَالْأَصْلُ يُرِيدُهَا لَكِنْ جُزِمَ بِلَمْ، وَمَنْ قَالَهَا بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ فَقَدْ صَحَّفَ وَأَفْسَدَ الْمَعْنَى، وَقَدْ حَكَى فِي الْمَطَالِعِ أَنَّهَا رِوَايَةُ ابْنِ السَّكَنِ قَالَ: وَهِيَ وَهْمٌ، وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ عَفَّانَ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَ فِي آخِرِهِ: فَقَالَ هَكَذَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ لَا أُرِيدَهَا وَسَيَأْتِي فِي رِوَايَةِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ فَنَاوَلْتُهُ ثَوْبًا فَلَمْ يَأْخُذْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
١٢ - بَاب إِذَا جَامَعَ ثُمَّ عَادَ. وَمَنْ دَارَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ
٢٦٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَدِيٍّ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ذَكَرْتُهُ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا.
[٢٦٧ - طرفه في: ٢٧٠]
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا جَامَعَ ثُمَّ عَادَ) أَيْ مَا حُكْمُهُ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ عَاوَدَ أَيِ الْجِمَاعَ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِتِلْكَ الْمُجَامَعَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ بَيْنَهُمَا لَا يَجِبُ، وَيَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ حَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدُ، وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّهُ ﷺ طَافَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى نِسَائِهِ يَغْتَسِلُ عِنْدَ هَذِهِ وَعِنْدَ هَذِهِ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَجْعَلُهُ غُسْلًا وَاحِدًا؟ قَالَ: هَذَا أَزْكَى وَأَطْيَبُ وَأَطْهَرُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْوُضُوءِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُسْتَحَبُّ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: يُسْتَحَبُّ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْمَالِكِيُّ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ: يَجِبُ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَفْصٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْهُ.
وَأَشَارَ ابْنُ خُزَيْمَةَ إِلَى أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ حَمَلَهُ عَلَى الْوُضُوءِ اللُّغَوِيِّ