طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا هَذِهِ: هَذَا مُنْقَطِعٌ، فَقَدْ رَوَاهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ وَلَمْ يَسْمَعْهُ عُرْوَةُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. انْتَهَى. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حَدِيثًا آخَرَ فَإِنَّ حَدِيثَهَا هَذَا فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ كَمَا بَيَّنَّاهُ قَبْلَ قَلِيلٍ، وَأَمَّا هَذِهِ الرِّوَايَةُ فَذَكَرَهَا الْأَثْرَمُ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَهَا أَنْ تُوَافِيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا خَطَأٌ، فَقَدْ قَالَ وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَهَا أَنْ تُوَافِيَهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ. قَالَ: وَهَذَا أَيْضًا عَجِيبٌ، مَا يَفْعَلُ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ؟ وَقَدْ سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ - يَعْنِي الْقَطَّانَ - عَنْ هَذَا فَحَدَّثَنِي بِهِ عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ: أَمَرَهَا أَنْ تُوَافِيَ لَيْسَ فِيهِ هَاءٌ.
قَالَ أَحْمَدُ: وَبَيْنَ هَذَيْنِ فَرْقٌ، فَإِذَا عَرَفَ ذَلِكَ تَبَيَّنَ التَّغَايُرُ بَيْنَ الْقِصَّتَيْنِ، فَإِنَّ إِحْدَاهُمَا صَلَاةُ الصُّبْحِ يَوْمَ النَّحْرِ وَالْأُخْرَى صَلَاةُ صُبْحِ يَوْمِ الرَّحِيلِ مِنْ مَكَّةَ وَقَدْ أَخْرَجَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ حَدِيثَ الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ حَسَّانِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيِّ بْنِ هَاشِمٍ وَمَحَاضِرِ بْنِ الْمُوَرِّعِ وَعَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدَةَ كُلِّهِمْ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ، وَسَمَاعُ عُرْوَةَ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ مُمْكِنٌ فَإِنَّهُ أَدْرَكَ مِنْ حَيَاتِهَا نَيِّفًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَهُوَ مَعَهَا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي: بَابِ طَوَافِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ وَمَوْضِعُ الْحَاجَةِ مِنْهُ هُنَا قَوْلُهُ فِي آخِرِهِ فَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى خَرَجَتْ أَيْ مِنَ الْمَسْجِدِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الطَّوَافِ خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ إِذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا لَازِمًا لَمَا أَقَرَّهَا النَّبِيُّ ﷺ عَلَى ذَلِكَ. وَفِي رِوَايَةِ حَسَّانٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: إِذَا قَامَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ فَطُوفِي عَلَى بَعِيرِكِ مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ.
قَالَتْ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ وَلَمْ أُصَلِّ حَتَّى خَرَجْتُ أَيْ فَصَلَّيْتُ، وَبِهَذَا يَنْطَبِقُ الْحَدِيثُ مَعَ التَّرْجَمَةِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ: يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَكْمَلَتْ طَوَافَهَا قَبْلَ فَرَاغِ صَلَاةِ الصُّبْحِ ثُمَّ أَدْرَكَتْهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَصَلَّتْ مَعَهُمْ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَرَأَتْ أَنَّهَا تُجْزِئُهَا عَنْ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَبُتَّ الْبُخَارِيُّ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِمَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ لِكَوْنِ أُمِّ سَلَمَةَ كَانَتْ شَاكِيَةً ولكن عُمَرَ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ طَافَ بَعْدَ الصُّبْحِ وَكَانَ لَا يَرَى التَّنَفُّلَ بَعْدَهُ مُطْلَقًا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ كَمَا سَيَأْتِي وَاضِحًا بَعْدَ بَابٍ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ نَسِيَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ قَضَاهُمَا حَيْثُ ذَكَرَهُمَا مِنْ حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَعَنِ الثَّوْرِيِّ: يَرْكَعُهُمَا حَيْثُ شَاءَ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْحَرَمِ، وَعَنْ مَالِكٍ: إِنْ لَمْ يَرْكَعْهُمَا حَتَّى تَبَاعَدَ وَرَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَيْسَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ صَلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَلَيْسَ عَلَى مَنْ تَرَكَهَا غَيْرُ قَضَائِهَا حَيْثُ ذَكَرَهَا.
٧٢ - بَاب مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ خَلْفَ الْمَقَامِ
١٦٢٧ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ ﵄ يَقُولُ: قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ خَلْفَ الْمَقَامِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ الْمَاضِي قَبْلَ بَابَيْنِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَبْوَابِ الْعُمْرَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ. وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي صِفَةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ عِنْدَ مُسْلِمٍ طَافَ ثُمَّ تَلَا ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ فَصَلَّى عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: احْتَمَلَتْ قِرَاءَتُهُ أَنْ تَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute