للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَذَانُ اثْنَيْنِ مَعًا فَمَنَعَ مِنْهُ قَوْمٌ، وَيُقَالُ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَهُ بَنُو أُمَيَّةَ، وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: لَا يُكْرَهُ إِلَّا إِنْ حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ تَهْوِيشٌ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ مُؤَذِّنَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى الِاثْنَيْنِ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَعَرُّضٌ لَهُ. انْتَهَى. وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى جَوَازِهِ وَلَفْظُهُ: وَلَا يَتَضَيَّقُ (١) إِنْ أَذَّنَ أَكْثَرُ مِنَ اثْنَيْنِ، وَعَلَى جَوَازِ تَقْلِيدِ الْأَعْمَى لِلْبَصِيرِ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَفِيهِ أَوْجُهٌ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ التَّرْجِيحُ، وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي كُتُبِهِ أَنَّ لِلْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ اعْتِمَادَ الْمُؤَذِّنِ الثِّقَةِ، وَعَلَى جَوَازِ شَهَادَةِ الْأَعْمَى، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ. وَعَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَعَلَى أَنَّ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ مِنْ حُكْمِ النَّهَارِ، وَعَلَى جَوَازِ الْأَكْلِ مَعَ الشَّكِّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللَّيْلِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ مَالِكٌ فَقَالَ: يَجِبُ الْقَضَاءُ. وَعَلَى جَوَازِ الِاعْتِمَادِ عَلَى الصَّوْتِ فِي الرِّوَايَةِ إِذَا كَانَ عَارِفًا بِهِ وَإِنْ لَمْ يُشَاهِدِ الرَّاوِي، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ شُعْبَةُ لِاحْتِمَالِ الِاشْتِبَاهِ. وَعَلَى جَوَازِ ذِكْرِ الرَّجُلِ بِمَا فِيهِ مِنَ الْعَاهَةِ إِذَا كَانَ يَقْصِدُ التَّعْرِيفَ وَنَحْوَهُ، وَجَوَازُ نِسْبَةِ الرَّجُلِ إِلَى أُمِّهِ إِذَا اشْتُهِرَ بِذَلِكَ وَاحْتِيجَ إِلَيْهِ.

١٢ - بَاب الْأَذَانِ بَعْدَ الْفَجْرِ

٦١٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي حَفْصَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ Object كَانَ إِذَا اعْتَكَفَ الْمُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ وَبَدَا الصُّبْحُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ.

[الحديث ٦١٨ - طرفاه في: ١١٨١، ١١٧٣]

٦١٩ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ "كَانَ النَّبِيُّ Object يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالإِقَامَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ"

٦٢٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ Object قال: "إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ"

قَوْلُهُ: (بَابُ الْأَذَانِ فِي الْفَجْرِ) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ تَرْجَمَةَ الْأَذَانِ بَعْدَ الْفَجْرِ عَلَى تَرْجَمَةِ الْأَذَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ فَخَالَفَ التَّرْتِيبَ الْوُجُودِيَّ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّرْعِ أَنْ لَا يُؤَذَّنَ إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، فَقَدَّمَ تَرْجَمَةَ الْأَصْلِ عَلَى مَا نَدَرَ عَنْهُ. وَأَشَارَ ابْنُ بَطَّالٍ إِلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَى التَّرْجَمَةِ بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي جَوَازِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ. وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالتَّرْجَمَتَيْنِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ يُؤَذِّنُ لِأَجْلِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ غَيْرُ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ يُؤَذِّنُ لِأَجْلِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَأَنَّ الْأَذَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَا يُكْتَفَى بِهِ عَنِ الْأَذَانِ بَعْدَهُ، وَأَنَّ أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ لَمْ يَكُنْ يَقَعُ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (كَانَ إِذَا اعْتَكَفَ الْمُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ) هَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ جُمْهُورِ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَدِ اسْتَشْكَلَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَوَجَّهَهُ بَعْضُهُمْ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ بِلَفْظِ


(١) في مخطوطة الرياض " ولا يضر"