قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلَا يُخْبِرْ بِهَا وَلَا يَذْكُرْهَا) كَذَا جَمَعَ التَّرْجَمَةَ بَيْنَ لَفْظَيِ الْحَدِيثَيْنِ، لَكِنْ فِي التَّرْجَمَةِ فَلَا يُخْبِرْ وَلَفْظُ الْحَدِيثِ: فَلَا يُحَدِّثْ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ، وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ:
الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ) هُوَ الْأَنْصَارِيُّ أَخُو يَحْيَى، وَأَبُو سَلَمَةَ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.
قَوْلُهُ: (لَقَدْ كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا فَتُمْرِضُنِي) عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا أُعْرَى مِنْهَا غَيْرَ أَنِّي لَا أُزَمَّلُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: مَعْنَى أُعْرَى وَهُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أُحَمُّ لِخَوْفِي مِنْ ظَاهِرِهَا فِي ظَنٍّ، يُقَالُ عُرِيَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ مُخَفَّفًا يَعْرَى بِفَتْحَتَيْنِ إِذَا أَصَابَهُ عُرَاءٌ بِضَمِّ ثُمَّ فَتْحٍ وَمَدٍّ وَهُوَ نَفْضُ الْحُمَّى، وَمَعْنَى لَا أُزَمَّلُ وَهُوَ بِزَايٍ وَمِيمٍ ثَقِيلَةٍ أَتَلَفَّفُ مِنْ بَرْدِ الْحُمَّى، وَوَقَعَ مِثْلُهُ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَلَكِنْ قَالَ: أَلْقَى مِنْهَا شِدَّةً بَدَلَ أُعْرَى مِنْهَا وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرَ أَنِّي لَا أُعَاد، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ إِنْ كُنْتُ لَأُرَى الرُّؤْيَا أَثْقَلَ عَلَيَّ مِنْ جَبَلٍ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ: وَأَنَا كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا) فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي لَأُرَى بِزِيَادَةِ اللَّامِ، وَالْأُولَى أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (فَلَا يُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا مَنْ يُحِبُّ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ أَنَّهُ إِذَا حَدَّثَ بِالرُّؤْيَا الْحَسَنَةِ مَنْ لَا يُحِبُّ قَدْ يُفَسِّرُهَا لَهُ بِمَا لَا يُحِبُّ إِمَّا بُغْضًا وَإِمَّا حَسَدًا فَقَدْ تَقَعُ عَنْ تِلْكَ الصِّفَةِ، أَوْ يَتَعَجَّلُ لِنَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ حُزْنًا وَنَكَدًا، فَأُمِرَ بِتَرْكِ تَحْدِيثِ مَنْ لَا يُحِبُّ بِسَبَبِ ذَلِكَ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ، قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ) تَقَدَّمَ فِي (بَابِ الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ) أَنَّ اسْمَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَبْدُ الْعَزِيزِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) زَادَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي ابْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ فِي الْبَابِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ.
٤٧ - بَاب مَنْ لَمْ يَرَ الرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِرٍ إِذَا لَمْ يُصِبْ
٧٠٤٦ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عُتْبَةَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ﵄ كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ ظُلَّةً تَنْطُفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا، فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنْ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ، ثُمَّ وُصِلَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ، وَاللَّهِ لَتَدَعَنِّي فَأَعْبُرَهَا. فَقَالَ ﷺ: اعْبُرْهَا. قَالَ: أَمَّا الظُّلَّةُ فَالْإِسْلَامُ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْطُفُ مِنْ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالْقُرْآنُ حَلَاوَتُهُ تَنْطُفُ فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ فَالْحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللَّهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ به رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ، ثُمَّ يُوَصَّلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ، فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ: أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ؟ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَصَبْتَ بَعْضًا، وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا. قَالَ: فَوَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ. قَالَ: لَا تُقْسِمْ.