فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: لَا بَأْسَ، وَلْيَنْصُرِ الرَّجُلُ أَخَاهُ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، فَإِنْ كَانَ ظَالِمًا فَلْيَنْهَهُ فَإِنَّهُ لَهُ نَصْرٌ، وَعُرِفَ مِنْ هَذَا أَنَّ الِاسْتِغَاثَةَ لَيْسَتْ حَرَامًا وَإِنَّمَا الْحَرَامُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ) كَذَا لِلْجَمِيعِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ، وَهُوَ ابْنُ سَلَّامٍ، كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ، وَأَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي الْوَصَايَا بِمِثْلِ هَذِهِ الطَّرِيقِ، فَعِنْدَ الْأَكْثَرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ غَيْرُ مَنْسُوبٍ، وَعِنْدَ أَبِي ذَرٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ.
قَوْلُهُ: (غَزَوْنَا) هَذِهِ الْغَزْوَةُ هِيَ غَزْوَةُ الْمُرَيْسِيعِ.
قَوْلُهُ: (ثَابَ مَعَهُ) بِمُثَلَّثَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ أَيِ اجْتَمَعَ.
قَوْلُهُ: (رَجُلٌ لَعَّابٌ) أَيْ بَطَّالٌ، وَقِيلَ: كَانَ يَلْعَبُ بِالْحِرَابِ كَمَا تَصْنَعُ الْحَبَشَةُ، وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ جَهْجَاهُ بْنُ قَيْسٍ الْغِفَارِيُّ، وَكَانَ أَجِيرَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَالْأَنْصَارِيُّ هُوَ سِنَانُ بْنُ وَبْرَةَ حَلِيفُ بَنِي سَالِمٍ الْخَزْرَجِيُّ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمُنَافِقِينَ.
قَوْلُهُ: (فَكَسَعَ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ ضَرَبَهُ عَلَى دُبُرِهِ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى تَدَاعَوْا) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِسُكُونِ الْوَاوِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ تَدَاعَوَا بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْوَاوِ بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ، وَالْمَشْهُورُ فِي هَذَا تَدَاعَيَا بِالْيَاءِ عِوَضُ الْوَاوِ، وَكَأَنَّهُ بَقَّاهَا عَلَى أَصْلِهَا بِالْوَاوِ.
قَوْلُهُ: (دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ) أَيْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ، وَقِيلَ: الْكَسْعَةُ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: (أَلَا نَقْتُلُ) بِالنُّونِ وَبِالْمُثَنَّاةِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (هَذَا الْخَبِيثَ لِعَبْدِ اللَّهِ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ، وَالتَّقْدِيرُ: قَالَ عُمَرُ: يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ، أَلَا نَقْتُلُ هَذَا الْخَبِيثَ، وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي التَّفْسِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (وَعَنْ سُفْيَانَ عَنْ زُبَيْدٍ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ وَهُوَ مَوْصُولٌ وَلَيْسَ بِمُعَلَّقٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زُبَيْدٍ، وَمِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، فَكَأَنَّهُ كَانَ عِنْدَ ثَابِتِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُفْيَانَ عَنْ شَيْخِهِ، وَكَأَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ مُفَرَّقًا فَحَدَّثَ بِهِ ; فَنُقِلَ عَنْهُ كَذَلِكَ.
٩ - بَاب قِصَّةِ خُزَاعَةَ
٣٥٢٠ - حَدَّثَنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: عَمْرُو بْنُ لُحَيِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفَ، أَبُو خُزَاعَةَ.
٣٥٢١ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ الْبَحِيرَةُ الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ وَلَا يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ وَالسَّائِبَةُ الَّتِي كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ قَالَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قال النبي ﷺ: "رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرِ بْنِ لُحَيٍّ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ".
[الحديث ٣٥٢١ - طرفه في: ٤٦٢٣]
قَوْلُهُ: (بَابُ قِصَّةِ خُزَاعَةَ) اخْتُلِفَ فِي نَسَبِهِمْ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُمْ مِنْ وَلَدِ عَمْرِو بْنِ لُحَيٍّ بِاللَّامِ وَالْمُهْمَلَةِ مُصَغَّرٌ، وَهُوَ ابْنُ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ مَاءِ السَّمَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَسَبُهُ فِي أَسْلَمَ، وَأَسْلَمُ هُوَ عَمُّ عَمْرِو بْنِ لُحَيٍّ، وَيُقَالُ: إِنَّ اسْمَ لُحَيٍّ، رَبِيعَةُ، وَقَدْ صَحَّفَ بَعْضُ الرُّوَاةِ فَقَالَ: عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، وَوَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْجَمْعِ لِلْحُمَيْدِيِّ وَالصَّوَابُ