نَصِّ الْحَدِيثِ.
ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَسَاقَهُ عَلَى لَفْظِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَسَاقَهُ هُنَا بِلَفْظِ الرِّوَايَةِ الْأُولَى، وَقَيَّدَ التَّرْجَمَةَ هُنَاكَ بِمَا وَقَعَ هُنَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ، وَقَوْلُهُ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا، وَالْمُرَادُ نَفْيُ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا الْوُجُودِيَّةِ.
١٠٩ - بَاب يُقَاتَلُ مِنْ وَرَاءِ الْإِمَامِ وَيُتَّقَى بِهِ
٢٩٥٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ الْأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ.
٢٩٥٧ - وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ يُطِعْ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا وَإِنْ قَالَ بِغَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ
[الحديث ٢٩٥٧ - طرفه في: ٧١٣٧]
قَوْلُهُ: (بَابُ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَاءِ الْإِمَامِ وَيُتَّقَى بِهِ) يُقَاتَلُ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ، وَلَمْ يَزِدِ الْبُخَارِيُّ عَلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ. وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُقَاتَلَةُ لِلدَّفْعِ عَنِ الْإِمَامِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ خَلْفِهِ حَقِيقَةً أَوْ قُدَّامَهُ، وَوَرَاءُ يُطْلَقُ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ.
قَوْلُهُ: (نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ)
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ الْحَدِيثَ، الْجُمْلَةُ الْأُولَى طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ، وَسَبَقَ فِي الطَّهَارَةِ أَنَّ عَادَتَهُ فِي إِيرَادِ هَذِهِ النُّسْخَةِ - وَهِيَ شُعَيْبٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - أَنْ يُصَدِّرَ بِأَوَّلِ حَدِيثٍ فِيهَا وَيَعْطِفَ الْبَاقِيَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ سَمِعَهَا هَكَذَا، وَأَنَّ مُسْلِمًا فِي نُسْخَةِ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سَلَكَ طَرِيقًا نَحْوَ هَذِهِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ فِي أَوَّلِ كُلِّ حَدِيثٍ مِنْهَا: فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَيْتَ وَكَيْتَ. وَتَكَلَّفَ ابْنُ الْمُنِيرِ فَقَالَ: وَجْهُ مُطَابَقَةِ التَّرْجَمَةِ لِقَوْلِهِ (نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ) الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّهُ الْإِمَامُ وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُقَاتِلَ عَنْهُ وَيَنْصُرَهُ، لِأَنَّهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ فِي الزَّمَانِ لَكِنَّهُ مُتَقَدِّمٌ فِي أَخْذِ الْعَهْدِ عَلَى كُلِّ مَنْ تَقَدَّمَهُ أَنَّهُ إِنْ أَدْرَكَ زَمَانَهُ أَنْ يُؤْمِنَ بِهِ وَيَنْصُرَهُ، فَهُمْ فِي الصُّورَةِ أَمَامَهُ وَفِي الْحَقِيقَةِ خَلْفَهُ فَنَاسَبَ ذَلِكَ قَوْلَهُ: يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْخَلْفُ أَوِ الْأَمَامُ.
وَقَوْلُهُ فِيهِ: وَإِنْ قَالَ بِغَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ كَذَا هُنَا، قِيلَ: اسْتَعْمَلَ الْقَوْلَ بِمَعْنَى الْفِعْلِ، حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ قَالَ بِغَيْرِهِ، كَذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ فَإِنَّهُ قَسِيمُ قَوْلِهِ: فَإِنْ أَمَرَ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَإِنْ أَمَرَ، وَالتَّعْبِيرُ عَنِ الْأَمْرِ بِالْقَوْلِ لَا إِشْكَالَ فِيهِ. وَقِيلَ: مَعْنَى قَالَ هُنَا حَكَمَ، ثُمَّ قِيلَ إِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْقَيْلِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَهُوَ الْمَلِكُ الَّذِي يَنْفُذُ حُكْمُهُ بِلُغَةِ حِمْيَرَ، وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ أَيْ: وِزْرًا، وَحَذَفَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى طَرِيقِ الِاكْتِفَاءِ لِدَلَالَةِ مُقَابِلِهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ فِي قَوْلِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ تَبْعِيضِيَّةً، أَيْ: فَإِنَّ عَلَيْهِ بَعْضَ مَا يَقُولُ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ مُنَّةً بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ بَعْدَهَا هَاءُ تَأْنِيثٍ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ بِلَا رَيْبٍ ; وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ أَبُو ذَرٍّ. وَقَوْلُهُ: إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ بِضَمِّ الْجِيمِ، أَيْ: سُتْرَةٌ، لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَدُوَّ مِنْ أَذَى الْمُسْلِمِينَ وَيَكُفُّ أَذَى بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، وَالْمُرَادُ بِالْإِمَامِ كُلُّ قَائِمٍ بِأُمُورِ النَّاسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute