عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِسَنَدِهِ إِلَى سَالِمٍ - وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - عَنْ أَبِيهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمَغَازِي فِي بَابِ بَعْثِ خَالِدٍ إِلَى بَنِي جُذَيْمَةَ وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ ﷺ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ يَعْنِي مِنْ قَتْلِهِ الَّذِينَ قَالُوا: صَبَأْنَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَفْسِرَهُمْ عَنْ مُرَادِهِمْ بِذَلِكَ الْقَوْلِ، فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى تَصْوِيبِ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَمَنْ تَبِعَهُ فِي تَرْكِهِمْ مُتَابَعَةَ خَالِدٍ عَلَى قَتْلِ مَنْ أَمَرَهُمْ بِقَتْلِهِمْ مِنَ الْمَذْكُورِينَ بِهِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْحِكْمَةُ فِي تَبَرُّئِهِ ﷺ مِنْ فِعْلِ خَالِدٍ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يُعَاقِبْهُ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يَعْتَقِدَ أَحَدٌ أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهِ، وَلِيَنْزَجِرَ غَيْرُ خَالِدٍ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ مِثْلِ فِعْلِهِ.
اهـ مُلَخَّصًا، وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: الْإِثْمُ وَإِنْ كَانَ سَاقِطًا عَنِ الْمُجْتَهِدِ فِي الْحُكْمِ إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ بِخِلَافِ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لَكِنَّ الضَّمَانَ لَازِمٌ لِلْمُخْطِئِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ مَعَ الِاخْتِلَافِ، هَلْ يَلْزَمُ ذَلِكَ عَاقِلَةُ الْحَاكِمِ أَمْ بَيْتُ الْمَالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ وَالَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّ التَّبَرُّؤَ مِنَ الْفِعْلِ لَا يَسْتَلْزِمُ إِثْمَ فَاعِلِهِ وَلَا إِلْزَامَهُ الْغَرَامَةَ، فَإِنَّ إِثْمَ الْمُخْطِئِ مَرْفُوعٌ وَإِنْ كَانَ فِعْلُهُ لَيْسَ بِمَحْمُودٍ.
٣٦ - بَاب الْإِمَامِ يَأْتِي قَوْمًا فَيُصْلِحُ بَيْنَهُمْ
٧١٩٠ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ الْمَدَينِيُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: كَانَ قِتَالٌ بَيْنَ بَنِي عَمْرٍو فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَتَاهُمْ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فَلَمَّا حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَأَذَّنَ بِلَالٌ وَأَقَامَ وَأَمَرَ أَبَا بَكْرٍ فَتَقَدَّمَ وَجَاءَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ فِي الصَّلَاةِ فَشَقَّ النَّاسَ حَتَّى قَامَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَتَقَدَّمَ فِي الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ قَالَ: وَصَفَّحَ الْقَوْمُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَلْتَفِتْ حَتَّى يَفْرُغَ فَلَمَّا رَأَى التَّصْفِيحَ لَا يُمْسَكُ عَلَيْهِ الْتَفَتَ فَرَأَى النَّبِيَّ ﷺ خَلْفَهُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ أمْضِهْ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ هُنَيَّةً فحْمَدُ اللَّهَ عَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ مَشَى الْقَهْقَرَى فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ ﷺ ذَلِكَ تَقَدَّمَ فَصَلَّى النَّبِيُّ ﷺ بِالنَّاسِ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ إِذْ أَوْمَأْتُ إِلَيْكَ أَنْ لَا تَكُونَ مَضَيْتَ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يَؤُمَّ النَّبِيَّ ﷺ وَقَالَ لِلْقَوْمِ: إِذَا نابَكُمْ أَمْرٌ فَلْيُسَبِّحْ الرِّجَالُ وَلْيُصَفِّحْ النِّسَاءُ.
قَوْلُهُ: بَابُ الْإِمَامِ يَأْتِي قَوْمًا فَيُصْلِحُ بَيْنَهُمْ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لِيُصْلِحَ بِاللَّامِ بَدَلَ الْفَاءِ.
قَوْلُهُ: (كَانَ قِتَالٌ بَيْنَ بَنِي عَمْرٍو) فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْمَاضِيَةِ فِي أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ وَذَكَرَهُ هُنَاكَ بِلَفْظِ: فَلْيُصَفِّق وَالتَّصْفِيق وَوَقَعَ هُنَا بِلَفْظِ: فَلْيُصَفِّحْ وَالتَّصْفِيحُ وَهُمَا بِمَعْنًى وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ: فَلَمَّا حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: جَوَابُ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ: فَلَمَّا مَحْذُوفٌ سَوَاءٌ كَانَتْ لَمَّا شَرْطِيَّةً أَوْ ظَرْفِيَّةً وَالتَّقْدِيرُ: جَاءَ الْمُؤَذِّنُ قُلْتُ: إِنَّمَا اخْتَصَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، عَنْ حَمَّادٍ، فَقَالَ فِيهِ بَعْدَ قَوْلِهِ: ثُمَّ أَتَاهُمْ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ فَقَالَ لِبِلَالٍ: إِنْ حَضَرَتْ صَلَاةَ الْعَصْرِ، وَلَمْ آتِكَ فَمُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الْعَصْرُ أَذَّنَ بِلَالٌ ثُمَّ أَقَامَ فَذَكَرَهُ، وَقَوْلُهُ: أَنْ أَمْضِهِ فِعْلُ أَمْرٍ بِالْمُضِيِّ وَالْهَاءُ لِلسَّكْتِ، وَقَوْلُهُ: هَكَذَا أَيْ إِشَارَةً إِلَيْهِ بِالْمُكْثِ فِي مَكَانِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute