للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَتَوْكِيلِ الْبَعْضِ لِحِفْظِهَا وَتَفْرِقَتِهَا.

١١ - بَاب إِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ شَيْئًا فَاسِدًا فَبَيْعُهُ مَرْدُودٌ

٢٣١٢ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ - هُوَ ابْنُ سَلَّامٍ -، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الْغَافِرِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخدري قَالَ: جَاءَ بِلَالٌ إِلَى النَّبِيِّ بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ : مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَ بِلَالٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيٌّ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ لِنُطْعِمَ النَّبِيَّ ، فَقَالَ النَّبِيُّ عِنْدَ ذَلِكَ: أَوَّهْ أَوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا، لَا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعْ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِ بهِ.

قَوْلُهُ: (بَابٌ: إِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ شَيْئًا فَاسِدًا فَبَيْعُهُ مَرْدُودٌ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ: جَاءَ بِلَالٌ إِلَى النَّبِيِّ بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ الْحَدِيثَ. وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِالرَّدِّ بَلْ فِيهِ إِشْعَارٌ بِهِ، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ: فَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْقِصَّةِ، فَقَالَ: هَذَا الرِّبَا فَرُدَّهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ فِي بَابِ مَنْ أَرَادَ شِرَاءَ تَمْرٍ بِتَمْرٍ خَيْرٍ مِنْهُ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ، وَفِيهِ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ: إِنَّ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً لَمْ يَقَعْ فِيهِ الْأَمْرُ بِالرَّدِّ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِتَحْرِيمِ الرِّبَا، وَمَرَّةً وَقَعَ فِيهَا الْأَمْرُ بِالرَّدِّ وَذَلِكَ بَعْدَ تَحْرِيمِ الرِّبَا وَالْعِلْمِ بِهِ. وَيَدُلُّ عَلَى التَّعَدُّدِ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى ذَلِكَ فِي إِحْدَى الْقِصَّتَيْنِ، سَوَادُ بْنُ غَزِيَّةَ عَامِلُ خَيْبَرَ، وَفِي الْأُخْرَى بِلَالٌ.

وَعِنْدَ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ بِلَالٍ قَالَ: كَانَ عِنْدِي تَمْرٌ دُونٌ، فَابْتَعْتُ مِنْهُ تَمْرًا أَجْوَدَ مِنْهُ. الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَقَالَ النَّبِيُّ : هَذَا الرِّبَا بِعَيْنِهِ، انْطَلِقْ فَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَخُذْ تَمْرَكَ وَبِعْهُ بِحِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ مِنْ هَذَا التَّمْرِ ثُمَّ جِئْنِي بِهِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ، وَجَزَمَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ بِأَنَّهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ. وَيُؤَيِّدُ كَوْنَهُ ابْنَ رَاهْوَيْهِ تَغَايُرُ السِّيَاقَيْنِ مَتْنًا وَإِسْنَادًا، فَهُنَا قَالَ إِسْحَاقُ:، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى وَمِنْ عَادَةِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ التَّعْبِيرُ عَنْ مَشَايِخِهِ بِالْإِخْبَارِ لَا التَّحْدِيثِ. وَوَقَعَ هُنَا: عَنْ يَحْيَى، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ: أَنْبَأَنَا يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَكَذَلِكَ وَقَعَتِ الْمُغَايَرَةُ فِي سِيَاقِ الْمَتْنِ فِي عِدَّةِ أَمَاكِنَ، وَيَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا ذَكَرَهُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ بِالْمَعْنَى.

قَوْلُهُ: (جَاءَ بِلَالٌ إِلَى النَّبِيِّ بِتَمْرِ بَرْنِيٍّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا نُونٌ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٌ مُشَدَّدَةٌ ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ مَعْرُوفٌ، قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ تَمْرَةٍ تُشْبِهُ الْبَرْنِيَّةَ. وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مَرْفُوعًا: خَيْرُ تَمَرَاتِكُمُ الْبَرْنِيُّ، يُذْهِبُ الدَّاءَ وَلَا دَاءَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (كَانَ عِنْدِي) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: عِنْدَنَا.

قَوْلُهُ: (رَدِيءٌ) بِالْهَمْزَةِ وَزْنَ عَظِيمٍ.

قَوْلُهُ: (لِنُطْعِمَ النَّبِيَّ بِالنُّونِ الْمَضْمُومَةِ، وَلِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ بِالتَّحْتَانِيَّةِ الْمَفْتُوحَةِ، وَالْعَيْنُ مَفْتُوحَةٌ أَيْضًا، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: لِمَطْعَمِ النَّبِيِّ بِالْمِيمِ.

قَوْلُهُ: (أَوَّهْ أَوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا)، كَذَا فِيهِ بِالتَّكْرَارِ مَرَّتَيْنِ، وَوَقَعَ فِي مُسْلِمٍ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَمُرَادُهُ بِعَيْنِ الرِّبَا نَفْسُهُ، وَقَوْلُهُ: أَوَّهْ كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ التَّوَجُّعِ وَهِيَ مُشَدَّدَةُ الْوَاوِ مَفْتُوحَةٌ، وَقَدْ تُكْسَرُ وَالْهَاءُ سَاكِنَةٌ، وَرُبَّمَا حَذَفُوهَا، وَيُقَالُ: بِسُكُونِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْهَاءِ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ مَدَّ الْهَمْزَةِ بَدَلَ التَّشْدِيدِ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: إِنَّمَا تَأَوَّهَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي الزَّجْرِ، وَقَالَهُ إِمَّا لِلتَّأَلُّمِ مِنْ هَذَا الْفِعْلِ