سِوَى حَدِيثٍ مَوْصُولٍ مَضَى فِي الْمَنَاقِبِ ; وَآخَرَ يَأْتِي فِي الْأَدَبِ وَهَذَا الْمُعَلَّقِ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ فَذَكَرَهُ سَوَاءٌ. وَقَدِ اتَّفَقَتْ هَذِهِ الطُّرُقُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ احْتَجَمَ ﷺ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي رَأْسِهِ، وَوَافَقَهَا حَدِيثُ ابْنِ بُحَيْنَةَ، وَخَالَفَ ذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسٍ: فَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْهُ، قَالَ: احْتَجَمَ النَّبِيُّ ﷺ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ ; إِلَّا أَنَّ أَبَا دَاوُدَ حَكَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ رَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ فَأَرْسَلَهُ، وَسَعِيدٌ أَحْفَظُ مِنْ مَعْمَرٍ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ بِعِلَّةٍ قَادِحَةٍ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ حَدِيثَيِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٍ وَاضِحٌ بِالْحَمْلِ عَلَى التَّعَدُّدِ ; أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ. وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا جَوَازُ الْحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ وَأَنَّ إِخْرَاجَهُ الدَّمَ لَا يَقْدَحُ فِي إِحْرَامِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ إِنِ احْتَجَمَ وَسَطَ رَأْسِهِ لِعُذْرٍ جَازَ مُطْلَقًا، فَإِنْ قَطَعَ الشَّعْرَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، فَإِنِ احْتَجَمَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَقَطَعَ حَرُمَ ; وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ) هُوَ الْوَرَّاقُ الْأَزْدِيُّ الْكُوفِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ - أَوْ أَبُو إِبْرَاهِيمَ - مِنْ كِبَارِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ. وَهُوَ صَدُوقٌ، تَكَلَّمَ فِيهِ الْجُوزَجَانِيُّ لِأَجْلِ التَّشَيُّعِ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ صَدُوقٌ. وَفِي عَصْرِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ آخَرُ يُقَالُ لَهُ: الْغَنَوِيُّ، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: الْغَنَوِيُّ كَذَّابٌ وَالْوَرَّاقُ ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: الْوَرَّاقُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَالْغَنَوِيُّ كَتَبْتُ عَنْهُ وَتَرَكْتُهُ، وَضَعَّفَهُ جِدًّا. وَكَذَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَحْمَدُ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَجَمَاعَةٌ، وَغَفَلَ مَنْ خَلَّطَهُمَا. وَكَانَتْ وَفَاةُ الْغَنَوِيِّ قَبْلَ الْوَرَّاقِ بِسِتِّ سِنِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا ابْنُ الْغَسِيلِ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ، تَقَدَّمَ شَرْحُ حَالِهِ قَرِيبًا.
١٦ - بَاب الْحَلْقِ مِنْ الْأَذَى
٥٧٠٣ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبٍ - هُوَ ابْنُ عُجْرَةَ - قَالَ: أَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ بُرْمَةٍ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَنْ رَأْسِي، فَقَالَ: أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَاحْلِقْ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةً، أَوْ انْسُكْ نَسِيكَةً. قَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي بِأَيَّتِهِنَّ بَدَأَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الْحَلْقِ مِنَ الْأَذَى) أَيْ حَلْقِ شَعْرِ الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ، ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي حَلْقِ رَأْسِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِسَبَبِ كَثْرَةِ الْقَمْلِ، وقد مَضَى شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْحَجِّ، وَكَأَنَّهُ أَوْرَدَهُ عَقِبَ حَدِيثِ الْحِجَامَةِ وَسَطَ الرَّأْسِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ جَوَازَ حَلْقِ الشَّعْرِ لِلْمُحْرِمِ لِأَجْلِ الْحِجَامَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا يُسْتَنْبَطُ مِنْ جَوَازِ حَلْقِ جَمِيعِ الرَّأْسِ لِلْمُحْرِمِ عِنْدَ الْحَاجَةِ.
١٧ - بَاب مَنْ اكْتَوَى أَوْ كَوَى غَيْرَهُ وَفَضْلِ مَنْ لَمْ يَكْتَوِ
٥٧٠٤ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْغَسِيلِ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ شِفَاءٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute